الخميس، 7 مارس 2013

إلى الأحزاب الإسلامية .. قواعد في ترشيح المرأة

بقلم : ماجدة شحاته
أتيح لمصر بعد الثورة، أن تسترد صحتها وعافيتها، وآن لها أن تتنفس عبير الحرية الحقيقية وليست الشكلية أو الصورية أو المغلوطة بإجراءات ملتوية، وأن تصنع نهضة واعية وواعدة على كل الأصعدة، وآن لمنهج الله أن يكون حاكما وضابطا ومهيمنا على مسارات الحياة وكافة الميادين.

ولم تكن المرأة المسلمة في معزل عن صناعة الموقف أو المبادرة بالرأي والمشورة أو اتخاذ القرار فيما يلم بالأمة من كبار الحوادث قديما وحديثا، وهو دور سجله التاريخ لها بإعزاز وتقدير، وذلك حين تصبح المرأة في موضع الرائد الذي لا يكذب أهله..

من هنا، فإن هذه  التذكرة تستشرف خطر وجود المرأة المسلمة على المحك السياسي، ثقافةً وممارسةً وحركةً، تتمايز بوعيها وأصالة انتمائها، وقدرتها على الوقوف في صدارة المشهد باقتدار على علم بفنونه وآلياته وضوابطه.

وهي رؤية قامت من باب النصح والتذكير، وللاستدراك فيما هو قادم لعله ينفع التحذير من اختيارات ربما تتم وفق آلية أقل ما توصف به أن فيها مغالطة لمنطق المرحلة، وقفزا على حقائق الوقائع، ومتطلبات مسيرة، تتسم بالتنافسية في معترك سياسي لن يثبت فيه إلا الأصلح والأجدر والأكفأ والأقدر وفق إجراءات صحيحة من كل عيب، سليمة مما قد يشوبها من ريب؛ إذ الظهور عارية والساحة مكشوفة وتبقى الممارسات وردود الأفعال المدروسة هي الملموسة، وهي المعيار في التفاضل والتمايز.

ولأننا بصدد فاصل بين عهد وعهد؛ عهد مضى بكل سلبياته التي ألقت بظلالها على النفوس والعقول ـ إلا من عصم الله - وعهد آت تُرسى فيه دعائم، وتوضع فيه قواعد فإن حسنت البدايات صحت النهايات وإن استقامت المعايير سلمت المسارات من انحراف أو انجراف عن الهدف والغاية.

ولأننا أصحاب رسالة خالدة حملها الأنبياء والمرسلون، ومن بعدهم المصلحون والمجددون، فإن اغتنام الفرص السانحة شيمة الوُعاة، وديدن الأباة من القادة حملة الإسلام في كل عصر ومصر، من رجال السياسة والفكر والإصلاح، ورواد الأمة إلى الصلاح والفلاح.

ولن يتحقق البناء الجديد في بدايات ما بعد الثورات لقواعد نهضة تستعيد بها الأمة دورها الحضاري المشرق إلا إذا تمايزت الجماعة المسلمة في تقديمها نماذج الأمة في كل ميدان، وحتى تتحقق معايير الاختيار والانتقاء والارتقاء بكل موضوعية وشفافية ونزاهة وتجرد؛ فتطمئن النفوس والعقول إلى اختياراتٍ لا يتطرق إليها أدنى ارتياب في امتلاكها ناصية العمل وضوابط الجودة وآليات الاقتدار عليه من كل جوانبه؛ حتى تتكافأ الفرص في التمكين والتوظيف لكل الطاقات المتمايزة، كل في موقعها ومكانها، والجديرة بتصدر المشهد بحسب ما تجيد. في مسألة بناء الأمم تبرز وتتضخم قواعد عمل لا تحابي ضعيفا أو تجامل الثقة العاجز، ولا تخشى اختيارات حرة داخل صفوف ينتظمها منهج تربوي، وتنتمي لمنهجية واحدة، وإلا ترددت النفوس في آلية تحكم، ويئست من حرية رأي تسود، إذ ليس ثمَ ما يخيف القيادة من حرية تجري بين بنيها في اختيارات لابد أن يوثق برشدها ونضجها ووعيها، ومن قواعد العمل "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم"، يتقدم صاحبها بما امتلك من مهارات ومؤهلات حازها مجتهدا لينفع بها أمته، ويصبح بها على محك في الاختيار بين مكافئيه.

ثم تأتي قاعدة "استأجره.. إن خير من استأجرت القوي الأمين" لتضع القدرة والقوة قبل خلق الأمانة التي قد يحوزها ضعيف يعجز عن حمل ما ينوء عنه مما يفوق مهارته وكفاءته. لقد قيل لخيار الثقاة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من رسول الله نفسه: "إنك امرؤ ضعيف" أو فيك ضعف.. والضعف هنا إنما هو وحده الذي حال بين الثقة ومهمة دونها طاقته وقدرته.

ولم تنفع الثقة حين تكون القدرة والكفاءة من جوهر حسن الأداء وجودته.

من هذا كله نخلص إلى أهمية سلامة البدء، ولا تتحقق هذه السلامة إلا من خلال قواعد محددة وضوابط مؤطرة، ولوائح حاكمة لمعايير التكليف والتوظيف، ينطلق بها العمل في شفافية وتجرد وتكافؤ للفرص بين الطاقات والقدرات، ولا يُقفز على هذا بتوصية من هنا أو بتزكية من هناك؛ حتى يعلم الناس أن لا محاباة أو انحياز، "والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها" فكما أنه لا محاباة في حد، فإنها لا تكون في حق أو قدر "ولا تبخسوا الناس أشياءهم".

ومن أشياء الناس: الطاقات والقدرات والمؤهلات والمهارات.

مما سبق نرى:

1- أن تكون هناك آلية لاختيار من تمثل الحزب في أية هيئة أو لجنة من بين القائمات على تفعيل دور أمانات المرأة على مستوى المحافظات، ويتم اختيار ممثلة اللجنة أو الهيئة من بينهن بالانتخاب الحر.

2- أن تكون أمانات المرأة وحدها المنوط بها عملية الترشيح والانتخاب وفقا لتطابق القدرات والطاقات والمؤهلات للمهمة.

3-  أن يكون ذلك بالانتخاب الحر المباشر.

4- ألا تتقدم للترشح ولا يتم ترشيح من لا تنطبق عليها شروط المهمة في أعلى تخصصها وشمولها.

5- أن توضع ضوابط خاصة بعملية الانتخاب من حيث شروط الترشح والحد الأدنى الذي تصح به عملية الانتخاب.

6- أن تكون المرشحة متفرغة ومفرغة من أي عمل آخر إذ تجميع عدة تكاليف أو مهمات في يد واحدة احتكار وتعطيل للطاقات المحيطة ولا يصب في إنجاز تتطلبه المرحلة على نحوٍ متقن ومميز.

7- أن يبرز لصناع القرار في الحزب أن أي امرأة تتصدر للعمل السياسي من خلال الحزب لابد وأن تكون شخصية بمواصفات خاصة تمتلك من المقومات النفسية والفكرية والعقلية والفقهية ما يجعل حضورها متميزا قويا يفرض ويثبت نفسه ويعكس منهجه وأصالته في معترك يقف فيه الشعب ليمايز ويختار وفقا لمعايير القوة والاقتدار، وخاصة أن الساحة ستفرض عليه أشخاصا ليس من السهل تجاوزها أو الاستخفاف بها أو الغض من حركتها وتأثيرها.

8- أن تكون كل الإجراءات تطبيقا عمليا لقواعد الشفافية في إنزال القواعد وتنفيذ اللوائح المحكمة والقوانين الضابطة للعمل وتحديد مساراته.

9- أن يضع صناع القرار في الحزب في الاعتبار طبيعة الحياة الحزبية وأنها لن تكون كما هي في واقع غيرنا نموذجا متكررا لممارسات تقوم على الشللية والعلاقات الخاصة والانطباعات النفسية والطبائع الشخصية في تحديد مهمة شخص أو توظيف طاقة أو تقرير مسار عمل أو مصائر حزب يتحدد موقعه من خارطة العمل السياسي في هذه المرحلة التي ستعج بالكثير في أساليب الإحلال والإبدال للأقدر والأكفأ والأصلح لتحمل المسئولية والوصول بمصر والأمة إلى خلافة راشدة ودور حضاري لا تزال البشرية تحن إليه.

وعلى هذا كله يكون العمل الحزبي الذي سيخضع لرقابة المجتمع ورصد المتخصص في أدق تفاصيله، فلا أقل من احترام عقل المراقب وتقدير رؤية الراصد.

ومن ثم فإننا نطمح بأي حزب يمثل مرجعية إسلامية، ذات منهجية متميزة ومتفردة في الإصلاح والتغيير، أن يكون على القمة من امتلاك مقومات تكوين وتقديم نماذج القدرة والاقتدارعلى التحرك باستراتيجيتنا في كل الميادين وكافة المجالات، وفي خلقها قدوة بما تربت عليه من قيم ومثل الحق والبر والعدل والخير.

والله نسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
----------------
طالع المقال على موقع : علامات أونلاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق