الاثنين، 28 فبراير 2011

منطق الثورة

بقلم : ماجدة شحاته
للثورة منطق لا يخطئه الفهم الصحيح ، المتطهر من ركام التزييف ومستنقع الفساد ووحل الاستبداد ، هكذا من غير التباس يُفهم منطق الثورات ،على أنه مقاطعة فاصلة مع ماض استحكم فساده ، واختل ميزان قضاؤه ، واعتل أفق فضاؤه ، فملأ الدنيا قهرا وظلما، دالا على أن نظاما لم يكن في ممارساته سوى احتلالا بالوكالة في أسوأ صور التدليس والتلبيس وإن لبس زي الوطنية وهو في سياساته خائن عميل .

هذه المقاطعة مع الماضي الآسن  بكل صنوف القهر والهوان تبدو واضحة في كشف رموز الفساد ، وأذنابه لتصبح خصومة مع شخوص صنعت الفساد وتربحت من صناعته وجعلته سلعة للتداول مستحلة كل حرام حتى الدماء والأعراض والأعمار ؛ إفقارا وإمراضا وتجهيلا ، أو قهرا وتعذيبا وتغريبا ، كل بحسب  أجندة استهداف الأمة من حيث ثروتها البشرية .

ومنطق الثورة كان يجب أن يكون حاكما ومهيمنا منذ اللحظة الأولى بعد إسقاط رأس النظام ،بقطع واستئصال رؤوس أذنابه ، إذ هو نظام يفتقد للحس ميت الضمير ، لا انتماء عنده ولا جذور أو أصول ، عاق أشد ما يكون العقوق لأرض حملت وسماء أظلت ، ولأن الخيانة فيه ـ بكل أصنامه ـ طبعُ أصيل فقد كان ينبغي أن يعلو صوت الثورة منطقا ومقتضى يتسم بالمبادرة والقدرة على المبادأة بتحديد قيادة راشدة تأخذ على عاتقها رسم سياسات واتخاذ إجراءات ؛ حتى لا تقع الثورة تحت وطأة قيادات متنفذة ترى الثورة عدوا وخصما، والقدرة على تجريف القديم بمساحة ليست أوسع بقدر ما هي أعمق لاستئصال جذور ترعرعت فسادا وأتخمت إفسادا حتى لا تقوم لها قائمة .

ومنطق الثورة وحده ينبغي أن يكون آمرا فلا يدع فرصة للقديم البالي أن يستعيد بعض توازنه ليحدث ما يربك الثورة أو يلفتها عن أولويات أهدافها .

ومقتضى الثورة أن يكون لقادتها أزمة القيادة بحيث يمكن لها أن تنفذ سياسات وتشرع في تحقيق مطالبات ، إذ ليس آمن على إجراءات تجريف القديم والمقاطعة الفاصلة معه غير قيادة تأتي من رحم هذه الثورة اكتوت بواقع سابق عليها ، فهي خبيرة بكل سلبياته عارفة بكل رموزه ، لا أن تترك قيادة التنفيذ لسماسرة الأوطان صناع الفساد .

الطريق ما تزال طويلة كون الوجوه المعتادة لا تزال حاكمة ، وهي طويلة لأن ثورتنا ثورة شعب مستهدف لا يراد لأمته أن تنهض من خلال ثورة علمت الشعوب وكشفت عن رقي إنساني لم تعرفه البشرية أريد له أن يظل مشوه الصورة في الذهنية الغربية ليكون مجرد ترجمة لإرهاب وعنف أو تطرف وتخلف .
لقد وجدت الثورة نفسها في مواجهة فراعين مستبدة مردت على إفساد كل شئ ، حتى وهي تشرف على نهايتها لم تزل تكابر ولم يكن فرعون موسى قدوتها في استشرافه الحقيقة مستسلما أن آمن بما آمنت به بنو إسرائيل ، حتى هذه الحسنة استنكفت طغمة فراعين مصر الحديثة أن تستشفها لما وصلت إليه من عمى البصيرة .

إنها طغمة متحللة من كل قيمة ، ولا يجري في دمها قطرة من وطنية لذا فهي تخرب كل شئ ؛ حتى لا ترحل إلا وقد حفر ت أسماءها في سجلات سود من صفحات سوداء في تاريخ لا يرحم الخونة العملاء ..
-----------------
طالع المقال بصحيفة الشعب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق