الجمعة، 8 فبراير 2013

صفحة على هامش قراءة في " قصة زعيم "

بقلم : ماجدة شحاته
لم تكن ممارسة السياسة شيئا سهلا ، إذ لابد من دفع الثمن سجنا وحرمانا ، كان على ثقة أن الفجر سيبزغ نوره ، وأن القادم سيكون الأفضل ، لكن أحلامه تلك في حرية وطن اختطف منذ عقود ؛ وخلع من جذوره مما أوجد فصاما بين هويته وواقعه ، فلا تزال ملايين تحن للمسجد ، تتشوق لعودة مجدها ،الذي غيبته مؤامرة فككت أوصاله ، وباعدت بين أركانه .

منذ أن أعلنها واضحة بلا تمويه أنه يمثل الإسلام ، وجد من التحديات مالا يحتمل ، غير أنه وصحبه كانوا يرون الأفق من بعيد ، وشمس الحرية تشرق فتنير الدنيا بنور جديد.

ما كاد يقف في الميدان يلقي بكلمات شاعر الحرية ، ويردد على مسامع الجموع الغفيرة التي تحدت أسلحة مشهرة وجنودا مدججة ،حتى تباكت الجموع فانهمرت الدموع شوقا لحلم العودة لمجد سليب .

بمجرد أن أنهى كلماته كانت عربة السجن تنتظره ، وفي السجن كان كيوسف يحدث هذا ، ويقنع ذاك ، يحدب ويرفق ، يعطف ويشفق ، يزيل التباسا ، ويرسخ فهما ويعمق إحساسا .

وتمضي السنون ويحتشد الناس للتهنئة برئاسة الحكومة ، يضم هذا ويشير إلى ذاك ، إذ تغص القاعة بخلق كثير ، جاءوا من كل مكان يسلمون ويشدون على يديه ..

في مكان بعيد من إحدى الزوايا ، وقعت عينه عليه ، وفي وسط الزحام المرهق تعرفه ، إنه هو مصطفى ذلك الذي رافقه في السجن ، وعلى بساطته وفقره جاء يصطف بين الجموع ليرى حلمه الذي لم يعلنه يوما ، بمجرد أن وقعت عينه على القائد الذي سيتحقق به الحلم ، انفجر باكيا رافعا يده للسماء :

"الحمدلك يا الله أن أحييتني لأرى بداية العودة ، فلا أبالي أن قبضت روحي وتوفيتني "

لم يكن مصطفى قد أكمل تعليمه لكنه يحمل نفس الرؤية ، يمشي نحو العودة ، يبث الحلم في كل من يلقى ، يرابط على نفس الثغرة .بما أوتي من صدق وقوة يقين .

"الحمد لله لقد جلس قائدنا على رأس الدولة ، الآن ستكتب البداية ويبدأ المسير نحو الحلم "

قالها ثم هم أن يغادر القاعة فماله وهؤلاء القادة ، لكن القائد لم ينس مصطفى وهو في السجن ، إذ كلما اشتد همه ربت على كتفه ، وأشعل حماسه وجدد همته نحو الحلم .
انفض الجمع ، واستأذن القائد من الحضورأن يبقى بمفرده ، وكاد مصطفى أن يغادر ، لكن القائد يناديه من بعيد :

"بل ابق أنت يا مصطفى ستكون معي وحدك ، لتكون أول من أتحدث إليه بمفردي ، ألا تتذكر ؟!! "

رجع مصطفى بذاكرته عقودا يوم أن كان رفيق سجنه ، واشتد الكرب يوما فإذا هو ينفعل بالحلم فيراه رأي العين فيقول لرفيقه :

"ستكون إن شاء الله رئيسا للوزراء ، وستحكم هذه الأمة ، وحينئذ لن يكون بمقدور مثلي أن يقف إلى جوارك أويكون بجانبك "

غير أن الرفيق ينظر إليه في تعجب أن يؤتى هذا الرجل البسيط كل هذا اليقين فيعده أنه يوم أن يتحقق ذلك فسيكون مصطفى هو أول من يتحدث إليه بمفرده ..
----------------------
* "قصة زعيم" هي حياة رجب طيب أردوغان ــ ط دار البشير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق