الاثنين، 3 أكتوبر 2011

فضائح الثورات

بقلم : ماجدة شحاته
لما كان الفساد ضاربا بأطنابه في ربوع مصر المنهوبة ، حتى تواضع عليه المجتمع ، وتعاطى معه كوضع طبيعي ، وحالة قائمة مستقرة ومستمرة ، تلقى الرعاية والعناية ، ليبدو فسادا بالتراضي بين الجميع ،لايقترب منه بالنكير أو النديد إلا صفوة لم تسلم من ذراعه الباطشة استبدادا وقهرا وإقصاءً، على اختلاف مراجع ومشارب تلك الصفوة ، وإن كان الحظ الأوفى من الأذى نال كل صوت إسلامي واجه هذا الفساد وعلى رأسه الإخوان المسلمون  .لقد حسب الكثيرون أن تلك الصفوة التي تصدت للفساد إنما تحرث في بحر ، أو تناطح الصخر ، لعموم الفساد وتحكم منطق الاستبداد في كل شئ .

وقد استطاعت سلطة الفساد أن تتهم وتخون تلك الصفوة في محاولة للتشويه والنيل من السمعة وشرف القصد؛ لئلا تصبح لها مصداقية لدى الناس فيمضى المخطط في تكريس وتوريث الفساد عقودا أُخر لما كان الوضع كذلك وأشد منه في صراع الحق مع الباطل المتخندق بكل أدوات الاستبداد جاءت ثورة يناير مع نسمات شهر ربيع الأول المبارك بعبق تاريخي لميلاد نبوي كان إيذانا بتحول البشرية نحو كمالات لم تشهدها ، وهكذا هي ثورتنا جاءت كسنة إلاهية وقانون رباني لتكشف السوءات وتدل على العورات في ساحة كاد الباطل أن يزعزع الثقة فيما عند الله ، جاءت الثورة ليميز الله بها الخبيث من الطيب ، وتكشف عن حقائق الطبائع في شرف المواقف ، وتفاصل بين المعادن في أصالة الانتماء ليدرك الجميع أي الرؤى كان على هدى وأيها كان على محض ضلال وتكذيب؟

جاءت الثورة لتضع عن المخلصين إصر اتهامات وظلم وتعسف إجراءات ، وزيف رؤى وخطابات ، جاءت الثورة لتضع على المحك كل شئ في الداخل والخارج ، فتستبين سبيل المجرمين .

جاءت الثورة لأنه ما كان لأمة أن تكون شاهدة على غيرها وهي بهذا الاستضعاف وذلك الهوان على نفسها وعلى غيرها ،فأذن الله لها أن تتهيأ لحقبة قادمة ترسي فيها مبادئ الحق والعدل دون ازدواج أو اختلال في المعايير لتثبت يوما أنها وحدها القادرة على أن تقدم قيم العدل متجردة من اعتبارات اللون والجنس والمكان .

إنها محكات تثبت الثقة أو تزلزل الاستبداد بكل صوره والفساد بكل أنواعه .

وفي كل يوم تنكشف حقائق وتتكشف دقائق ليتعرى باطل نظم فلا يختلف على باطلها أحد ، وليبق الحق منزها عن ارتياب أو اتهام بعدما طغى فرعون وهامان وجنودهما وكل كانوا خاطئين ، وبعدما بغى قارون فكان مصير كل واحد خير برهان على أنه لم يعد لمتردد مرتاب مجالا لعذر ، أو بابا لإعذار إذ يسبح بحمد فساد واستبداد محاولا أن يعيد إشارات الوقت للوراء وهيهات هيهات ولله الحمد في الأولى والآخرة ..
-----------------
طالع المقال بجريدة الشعب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق