الأحد، 1 سبتمبر 2013

إضاءات في السياسة

بقلم : ماجدة شحاته
لو اتفقنا على أن إجراءات مابعد 30/6 هي إجراءا ت قمعية بوليسية تؤسس لسابقة هي الأخطر في تداول السلطة بقوة الجيش والشرطة ، لو اتفقنا على ذلك فكل كلام عن مشروعية أو شرعية أو حقوق لــ 30/ 6يصبح باطلا .

وكل من عقل المسألة متجردا للحقيقة وبموضوعية لا استعلاء فيها ولا خصومة شخصية أو سياسية لم يجد كبير جهد في التمييز أننا بصدد انقلاب غاشم يؤسس لدولة بوليسية بمواصفات أشد استبدادا مما كان قبل ثورة يناير ..

لدينا إجراءات اتخذها قادة وصناع 30/ 6 ماهي ديموقراطيتها وما هو تصنيفها القانوني أو حتى الإنساني ليمكننا تزكيتها أو مقاومتها وبكل إصرار لإنهاء حالة احتلال بالوكالة بقوة مصطنعة داخل دوائر صناع الإرهاب العالمي في أمريكا وإسرائيل ?.

احترام قواعد العمل الدستوري وإجراءاته كافية للجم أي تحرك جماهيري إلا عبر وسائل قانونية ، وما حدث في 30/ 6 كان خروجا على القواعد الحاكمة للإجراءات الدستورية وقواعد الديمقراطية بامتياز ..

ولعل موقف عمرو حمزاوي كان كما قال متسقا مع مبادئه حين رفض ما ترتب على 30/6 فهو لا يزايد على ما آمن به من قواعد الديمقراطية ، وهو لا يبحث عن مغنم يخالف من أجله قناعاته الديمقراطية بحق ، كما تعلمها هكذا برر الرجل موقفه ..

وأراه في موقفه هذا أنقى بكثير ممن يترصد لحاجة في نفسه تضطره إما للتعامي وتجاهل الواقع أو القفز على الحيدة وموضوعية وعدالة الحكم والنظر ، بل ممن يتصدر حزبا إسلاميا لا يعمل إلا في سياق مخابراتي في التخديم على الانقلاب صناعة وتثبيتا..

عوائق التبصرة لابد من تحسسها في النفسيات قبل استعراض الأدلة والبراهين والوقائع والحقائق ، لأن الحقائق لا تجدي كثيرا لدى متردد أو مترصد ممن لم تسلم له نفسه أو قلبه أو موضوعيته في البحث والنظر..
-------------
طالع المقال على موقع : نافذة مصر


الثلاثاء، 18 يونيو 2013

قيم وسنن في الحياة

بقلم: ماجدة شحاته
لله في كونه الذي خلق سنن لا تتبدل أو تتغير، وقوانين تحكم الأشياء وفق حقائق وطبائع أودعها الله فيما خلق, ويخطئ من يصادم تلك السنن، أو يخالف تلك القوانين، بالاحتيال عليها تارة، أو تجاوزها والقفز عليها تارة أخرى، لأن مسيرة الإنسان في عمارة الأرض خاضعة لأقدار غالبة، ومآلات معتبرة هي عبر التاريخ ودروسه في سيرة من قبلنا، نعرفها بالتامل والتدبر؛ حتى لتصبح معالم على الطريق؛ تحدد البدايات لنهايات مشرقة أو محرقة، بحسب التناغم معها أو الاصطدام بها .
"قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (آل عمران:137).

ومعركة الحق والباطل هي قصة الحياة على الأرض، بين من يملك الرأي والبصيرة فيتدبر، ومن يعمى عن ذلك فيتخبط ثم يتقهقر، فالحق ماضٍ إلى نصر, والباطل مهما علا هاوٍ إلى قبر.

 تأمل حقيقة الباطل؛ ينفق أهلُه بلا حدود للصد عن الحق، والتشغيب عليه، بإثارة الشبه، وتشويشه بنشر الأباطيل، كل ذلك للحيلولة دون أن يلامس هذا الحق نفوسا أو يباشر قلوبا، ويبذل من الجهد الكثير ظانا أنه قادر على تحقيق مايريد في إيقاع الهزيمة بالحق وإذلال أهله.

لكن تأبى الحقيقة الربانية والسنة الكونية الغالبة والفاعلة في الكون إلا أن يستمر فعلها بلا تخلف أو انقطاع، إلا أن تكون الغلبة للحق "والعاقبة للتقوى" (طه 132)
 "إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون" (الأنفال 36)

تأمل حرفي "الفاء" في سرعة التعقيب و"السين" في صيرورة الفعل كقاعدة مطردة وسنة ماضية في كل حين، واستمرارها بلا توقف وإن تأخرت بعض الوقت بلا شذوذ عنها مطلقا، بل حسم وحزم في التنزيل متى استفرغ الحق وسعه وجهده ستكون النتيجة على غير ما تم التخطيط له، وسيرى الباطل عاقبة جهده، فشلا وخيبة، ومضيا للحق في طريقه بثبات ويقين، يثير حسرة الباطل وهو يرى أمام عينه هباء ما أنفق.

"ثم تكون عليهم حسرة"
فالأموال لم تنفق من غير طائل تحققه، بل تأتي "ثم" لتعقب على التراخي بين النتيجة في "فسينفقونها " وما يعقبها من مآل "ثم تكون عليهم حسرة " لينكشف أن الباطل خسرانه في الدنيا بنفاد الأموال، وفي الآخرة يكون الخسران المبين.

ويتواصل التعقيب على التراخي ليعلن نتيجة المعركة ونهايتها "ثم يغلبون" فلا غلبة لباطل مهما انتفخت أوداجه فرحا بما قد يحققه من بعض العلو الظاهر الطارئ، ومهما تخندقت جنوده أو تلونت أقنعته وتنوعت أسلحته.

وتبقى "ثم" معجزة في مكانها إذ قد تطول المعركة، وقد يحقق الباطل بعض جولات من نصرٍ مؤقت، وعلوٍ سريع ، فلا يكون ذلك باعثا على تردد أو اهتزاز ثقة، أو يأس من تأخر النصر, بل على أهل الحق الاعتصام بالصبر وترقب النصر, فـ "ثم "هنا تأتي لتطمئن وترسخ جاهزية نفسية لتحمل طول المعركة، وتبعات تباطؤ النصر وتأخره, من تفقد النفس وتحقيق التجرد وتحري الإخلاص, إذ إن التربية وإنضاج النفوس وصقل القلوب وتنقيتها مهمةٌ جوهرُ نجاحها الوقت.

هذه سنن وقواعد ومن لايعقلها فإنما يعير عقله لغيره، أو يغيبه فلا يستطيع التمييز بين خبيث وطيب، أو هو يسلم قلبه لآفات تستحكم فإذا هو في غي سادر لا يكاد يفيق، فيعادي الحق ولايلتمسه من أي طريق.

إن الفجور في الخصومة للحق وأهله، لا يأتي إلا كخصلة من خصال المنافق. إذًا فالمسألة في كثير من حقيقتها راجعة إلى القلوب: صحةً أو اعتلالا ، صلاحا أو فساداً، ومن ثم فلا ضير أن تُتَهم النفوس إذا وُجد أن الخصم لا يحتكم إلى منطق أو عقل، فلا شرف في خصومة ولا نبل في موقف، ولو شفّت القلوب لأنصفت ولو تجردت العقول لتنزهت عن التحامل والتلبيس. ولعدلت في النظر والحكم على المواقف والأحداث ولم تبخس للناس أشياءهم جهدا وقدرا وحقا.

 إن سلامة الفطرة توجب نزاهة وعدلا وشفافية وتجردا وموضوعية، وكلها قيم إنسانية قد يتخلق بها فيمارسها من يخالفك في الدين، ولو كان وثنيا لا يعرف للكون إلهًا، غير أنه رُزق البصيرة في وجوب احترام منطق العقل وطبائع الأشياء وقواعد العدل في المسيرة البشرية في الحياة .
------------
طالع المقال على موقع : علامات أون لاين


الاثنين، 3 يونيو 2013

بين التجرد والتمرد .. من وحي المبنى والمعنى

بقلم : ماجدة شحاته
اللغة العربية من الثراء بحيث فاقت كل لغات العالم، رغم تنكب الطريق لحمايتها من العبث برسمها الإملائي الذي كاد أن تتغير معالمه وضوابطه، لتغدو الأخطاء متجاوزة حدود الأفراد إلى المطبوعات والمنشورات الصادرة عن كبرى المؤسسات مما يعني استخفافا بالخطر، في غياب دور المصحح الكفء الذي ندر وجوده في ظل سياسة التسطيح التعليمي.

وفي اللغة ما يتماثل في حروفه، ويختلف في دلالاته، ومنها ما يختلف حرف منه عن كلمة متماثلة فإذا حل أحدهما محل الآخر، انتقل المعنى إلى شيء مختلف.

ومن العجيب في الصلة بين التجرد والتمرد ما تجده في تماثل الحروف، واختلاف حرف بداية الفعل الثلاثي، جيما أو ميما، حين يحل أحدهما محل الآخر، والأعجب هو سبق الجيم للميم في الترتيب الهجائي، ومن ثم سبق كلمة التجرد في الكشف المعجمي عن كلمة التمرد، وكأن النبل في الدلالة يأبى إلا أن يكون له السبق والصدارة.

وهنا يفرض النبل والسمو سمات للمتجرد، لا يكون متجردا إلا بها، فهو صفي النفس، نقي السريرة، ومن ثم فهو موضوعي في حكمه، منصف في نظره، تراه وقد انخلع عن حاجات خاصة، ونوايا ماكرة، متنزها عن الأنا، متواضعا لمن دونه، فيكون حكمه على الشيء غير متأثر بشيء سوى الحق وحده، فلا يجرمنه بخس حق أو غمط قدر، أو شنآن شخص أن يعرف لكل شئ قدره..

ويظل التجرد في موقعه ومكانه لا يبرحهما ترتيبا وتصديرا وتقديما، ما التزم مقتضى دلالته اللغوية سلوكا وتطبيقا، فإذا اختل شيء في ميزانه، كأن تميل نفسه، أو ينزع إلى هواه، أو يلهث خلف غرض يريد تحقيقه من حظوظ النفس، حتى ليصبح في بعض الأحيان ــ من حيث لا يشعر أو يشعر ــ أداة لغيره، يعتل نظره على نحو لا يعرف فيه حيدة ولا نصفة، فيتكدر صفوه برماد خصومة لا شرف فيها ولا نبل، أو اختلاف لا ينضبط بأدب، ولا يتزن بأطر أو قواعد يحتكم إليها، أو معايير يقيس عليها، فلا يرى حاجة لتآلف، بقدر ما يصنع التنازع والتشاحن، ففي التربص يجد له دورا، وفي الترصد يلقى متنفسا، فهو ممن تستشرف نفسه ما ليس من حقها، فتستعلي على من فوقها، إذ تراه دونها هوى وليس تنزيلا لمعايير أو مؤهلات.

هنا وعند هذه الدرجة يتنحى حرف الجيم إذ لا محل له من الكلمة وضعا وترتيبا ليكون مآل حاله انتقال إلى النقيض؛ "تمردا " يتجاوز به طغيانا وعدوانا، فإذا هو يختل في الرفض أو الاعتراض فيكون بإطلاق لمجرد الرفض، فهو في إصرار وعناد وليس في تقويم ونقد واعتراض لا يحكمه ضبط من قيمة أو منطق، ولو أحسن القصد واتزن في طلب الحق الذي يراه، لما انتقل من النقيض إلى النقيض، ولكان "التمرد" آخر ما يركن إليه أو يعتمد عليه وسيلة للاعتراض، ومن ثم فقد أوقع نفسه فيما لا يغري بمتابعة المتزن  أو موافقة معتدل لا يرضى بتعميم الخطأ، وينأى بنفسه عن غبن أو إجحاف في نظر أو حكم.

وسيظل "التجرد" حصن كل مبتغ للحق، وإن حامت حول الحق شبهات وترددت أباطيل، إذ نفي الريب عن الحقيقة مهمة الباحث المتجرد لإقرارها ولا يعنيه من أي جنس من يقوم على حملها وتنفيذها.


بين التجرد والتمرد مساحة ممتدة لاستقامة النفوس أو اعتلالاتها، وسلامة الصدور واختلالاتها، وهي تمتد بقدر ما انضبطت المعايير، وتأسست المقاييس، وتنزلت متجردة من أي لون نفسي أو فكري .
------------
طالع المقال على موقع : علامات أون لاين