الاثنين، 11 يونيو 2012

المرأة وحزب الحرية والعدالة

بقلم : ماجدة شحاته
ينبغي بدايةً تأكيد أن الإسلام دين رحمة وعدل ومساواة، تشمل الناس جميعًا، وتحقيق المساواة وإقامة العدل ليس مرتبطًا عنده بدين ما، فالناس سواسية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل المسلمون سواسية؛ ما يعني أن المساواة حق للبشر دون تمييز للون أو جنس أو اعتقاد.

ودين كهذا لا يمكنه أن ينظر للمرأة نظرة تدنٍ أو استخفاف أو استصغار، فهي مع الرجل على السواء في الحقوق والكرامة الإنسانية، وتحمل العبء والمسئولية، واستحقاق الثواب أو العقاب دون تمييز؛ فالنساء شقائق الرجال كما عبَّر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، يستلهم المرجعية الإسلامية في كل إشراقاتها ، بفهمٍ للواقع يرتبط بالماضي ويتصل بالمعاصر والمستقبل، مدركًا ومستوعبًا كل المستجدات العصرية التي فرضت نفسها على الواقع المسلم في مجتمعه، الذي لا ينفك عن العالم من حوله.

ولما كان هذا الحزب يعكس نظرة الإسلام للمرأة، فهو لا يتوقف عند الرؤى النظرية، ولكنه متمايز عن غيره حين يتحول بها إلى الواقع العملي، فأمانة المرأة بالحزب تضم عناصر شتى من مختلف الأعمار والمستويات التعليمية والخبرات العملية.

والجماعة التي يمثلها الحزب هي من بكَّرت بتقديم المرأة في انتخابات برلمانية عام 2000، وهو ما لم يجرؤ عليه الحزب الحاكم المخلوع الذي اعتمد على تقديم المرأة بالتعيين وليس بالانتخاب.

واصلت الجماعة ثم  الحزب بعد الثورة تقديم عناصر نسائية للبرلمان على قوائمه النسبية، سواء لمجلس الشعب أو الشورى، وواقع أدائهن يعكس قناعة الحزب بكوادره النسائية وحجم ما تلقين من إعداد وتدريب.

والمرأة في الحزب والجماعة تنتشر على مساحة مصر مشاركةً في العمل العام من خلال الجمعيات ولجان البر بالمساجد، والمستشفيات الخيرية لا تكل ولا تمل تؤدي دورها في خدمة المجتمع دون تقييد.

والمرأة في الجماعة والحزب تبعًا لذلك تشغل مراكز قيادية في المؤسسات الحكومية، تؤدي دورها دون تقصير أو إخلال، موائمةً وموازنةً في تناغمٍ واتزانٍ بين مهمتها الأسرية داخل البيت ومهمتها الوظيفية خارجة، وهذا ما يُميز المرأة في الجماعة.

ولأن الإسلام ينظر للمرأة كفردٍ في منظومة فهو يرى الأدوار متكاملة بين الرجل والمرأة، ولا يراها تتناقض أو تتصادم، ومن هنا فإن المجتمع الأسري لدى الجماعة والحزب هو الأكثر استقرارًا وتحقيقًا لأهداف الأسرة.

والجماعة لها اختياراتها الفقهية في لبس المرأة (الحجاب) ولا تلزم به أحدًا، ولا ينكر الحزب على المرأة أن تتولى المناصب العامة، فالمعيار الحاكم هو القدرة والكفاءة.

ولا يمكن الحكم على رؤية الحزب للمرأة والتجربة الحزبية للممارسة الديمقراطية الحرة لا تعدو أن تكون سنة ونصف تقريبًا هي عمر الثورة، وحسب الجماعة أنها قدمت مؤتمرًا للنساء حضرته ثلاثة آلاف امرأة من مختلف المحافظات والأعمار والمستويات العلمية؛ ما يعكس دورًا ضخمًا للمرأة تؤمن به الجماعة، ويتبناها الحزب.

وضعية المرأة في الواقع العملي لمجتمع الإخوان هي الأرقى والأكثر احترامًا للمرأة وتعظيمًا لدورها على كل الأصعدة.

والمرتقب أن تتطور هذه الوضعية وترتقي بمكتسبات المرأة بالنسبة للحقوق والامتيازات الخاصة بها كونها الأم والمربية والمعيلة فيما يختص بتسهيل مهمتها ومراعاة خصوصياتها البيولوجية في الحمل والولادة والإرضاع ورعاية الصغير، وتشكيل نفسيات ناضجة، وصوغ وجدان مشبع بالدفء والحب، وصياغة عقول تنطلق في الآفاق مدركةً لحقيقة دورها في الاستخلاف الإنساني والاستعمار البشري وفق منهج الله، الذي يحقق العدل والخير للبشرية.

وفي تطورٍ مرتقبٍ يتناغم ونظرة الحزب سنجد المرأة ممثلةً للحزب في المنتديات العالمية، وسنجدها المستشار السياسي والاجتماعي، والفاعل الرئيسي في كثير من مناشط الحزب داخليًّا أو خارجيًّا .

ولا يمانع الحزب من وجود المرأة وزيرة في حكومة يشكلها، ليس على سبيل التمثيل الصوري أو الشكلي بل على الحقيقة من الكفاءة والاقتدار.

إن إثارة الجدل حول وضعية المرأة في حزب الحرية والعدالة هو سفسطة لا أصل لها بالنظر لواقعها العملي وحركتها في الميدان .

وفهم الحزب المتسم بالوعي والقدرة على تحرير الطاقات نحو الإبداع، وفهمه الصحيح غير المغلوط لكرامة المرأة وحقها في تحقيق الذات والتوازن النفسي والعقلي، يجعله يقدم رؤية تنطلق بالمرأة في احترام لخصوصيتها دون إفراط أو تفريط، ولا يهمش دورها أو يحجمه بل يرى ذلك تقوقعًا وانغلاقًا لا يراعي طبيعة العصر أو مقتضى الواقع وما فرضه من دور للمرأة لا يمكن غمطه أو الاستخفاف به، في ظل مشروع ينهض بالأمة نحو صعود حضاري، لن يتحقق بدور غير فاعل للمرأة، ولن يكون بحرمان الأمة العنصر الأكثر فاعلية وتأثيرًا وهو المرأة، جناح التنمية الجوهري على كل المستويات، وفي كل الميادين .
--------------
طالع المقال على موقع : إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق