الخميس، 26 أبريل 2012

محسن الجندوبي في حوار عن العمل الخيري في تونس

تونس   حوار : ماجدة شحاتة

- اضطررت للهجرة إلى المانيا عام 1990 وعدت منذ شهور لأكون خادما في بلادي
- عشرية العمل التطوعي تبدأ بالاختيار وتنتهي بالنقد الذاتي لاستكمال البناء  
- "التنسيقية الخيرية" و"جمعية المرحمة" أدوات لإغاثة الملهوف

تحت ضغط التضييق على الإسلاميين في تونس خلال حكم زين العابدين بن علي، والزج بهم في غياهب السجون، اُضطر كثيٌر من الإسلاميين للهجرة خارج البلاد؛ بحثا عن مكان آخر،  تحترم فيه آدمية الإنسان، ومن هؤلاء محسن الجندوبي الذي اُضطر للهجرة إلى ألمانيا عام 1990م .

واستطاع مع زوجه أن يؤسسا لعمل خيري، رسخت جذوره ونال ثقة المجتمع الذي يعيش فيه، ينشر الخير، ويعين على الحاجة الشخصية والدعوية والحركية.

 ومع هروب ابن علي ونجاح الثورة التونسية، عاد الجندوبي يحمل الكثير من الخبرات المتراكمة في العمل التطوعي والأهلي، ليكون على رأس الأمانة العامة للعمل الخيري والتطوعي، تحت هدف واضح: بناء الإنسان وتنمية المجتمع.

وفي تونس الخضراء .. تونس الثورة كان لنا هذا اللقاء مع محسن الجندوبي، بعد أن تحولت الأمانة الى خلية نحل لا تتوقف الحركة فيها. 

- في البداية نرجو إلقاء الضوء على هذه المؤسسة؟

 الأمانة العامة للعمل الخيري والتطوعي، تنسيقية عامة للجمعيات الخيرية والتطوعية، ومؤسسة وطنية أهلية مدنية ليست ربحية أو سياسية  أو حزبية، كما أنها  تلتزم بقوانين البلاد المعمول بها، مقننة ومعترف بها صادرة بالرائد الرسمي التونسي رقم 127 بتاريخ 22 أكتوبر 2011  م .  وتسعى المؤسسة إلى التنسيق بين الجمعيات والمنظمات  الأهلية ومساعدة الجمعيات الناشئة على تركيز مؤسسات تحترم التسيير الديمقراطي والشفافية في التصرف الإداري والمالي والمحاسبة  والانتقال بها  من الإنجاز بنجاح   إلى تحقيق الجودة  .

- في أي ظروف نشأت المؤسسة وما دوافع تأسيسها؟

كان  العمل الجمعياتي قبل الثورة ممنوعًا قانونا، ولم يكن يسمح به إلا للمقربين من  سلطة المخلوع، أمّا بعد الثورة المباركة فقد فتحت أبواب الحريّة للجميع، وخاصة حق التنظيم، فتأسست عشرات الجمعيّات في مختلف المجالات.. دعويّة، وخيرية، وتنمويّة  ... الخ.

ونتيجة لهذا الانتشار الواسع للجمعيّات نشأت فكرة تأسيس تنسيقيّات في مجال العمل الخيري والتنموي وكان ذلك بداية شهر أبريل  2011م حيث أنشأنا  الأمانة العامّة للعمل الخيري و التطوّعي .  

- ما هي استراتيجيات و أولويات عمل التنسيقية؟

قامت المؤسسة وعينها على دعم وتسهيل البناء المؤسسي للجمعيات الناشئة، وبناء مؤسسات إغاثية، واجتماعية، وإنسانية، قوية ومتماسكة، بالإضافة الى بناء مركز للتدريب والدراسات والبحوث، وبناء مشاريع تنموية نموذجية على مستوى عائلي وجهوي .

- ما أهدافها المرحلية؟

هدفنا المرحلي هو  بناء القدرات، وبفضل الله أنجزنا في هذا المجال برنامجًا في التدريب والتأهيل  لمدّة سنة بمعدّل دورة كلّ شهرين للعاملين في مختلف الجمعيات، كما تم إنجاز التشبيك بين مختلف الجمعيّات الناشئة،  والاستفادة من تجارب الجمعيات في بقيّة الدول الإسلاميّة وخاصّة مصر، حيث الباع الطويل في العمل الخيري والعمل العام.

- وما إنجازاتها؟

بناء تنسيقيات جهويّة، وتنظيم قوافل خيريّة لعدد من الجهات المتضرّرة، وتنظيم مهرجان الطفل الريفي، وتسويق لجملة من المشاريع الخيريّة لعدد من الجمعيات العاملة في العمل العام والخيري في تونس .

- ما طبيعة علاقتها مع مكونات المجتمع المدني من جهة، ومع السلطة من جهة أخرى؟

تعمل الأمانة العامّة للعمل الخيري والتطوّعي بالتوافق والتنسيق مع مختلف مكونات المجتمع المدني، كما أنّ علاقتنا بالحكومة المنتخبة طيّبة، منطلقين في ذلك من فهم شمولي للتنمية يأخذ بعين الاعتبار مساهمة المجتمع الأهلي في حلّ قضايا الفقر والصحّة وغيرها ...

- وما دافعكم لخوض مضمار العمل العام؟

لا شك أن العمل الخيري رسالة تحافظ على الإنسان وكرامته ومكانته، قال تعالى "ولقد كرمنا بني آدم " وللحفاظ على نقاء هذه الرسالة وبقائها وديمومتها لابد ان نحافظ على مجموعة شروط ذاتية وأخرى موضوعية، ولعل من أعظمها العمل المؤسساتي المنظم والمسؤول الذي يستوعب كل الضغوط الداخلية والخارجية للمؤسسة، وكذا التناقضات التي يفرضها التنوع الفكري والثقافي واللغوي وتنوع فهم وتجارب الأفراد، وهذا ما فرضه علينا عصر العولمة بكل ما يحمله من دلالات فكرية ونفسية وتكنولوجية.

ولكي نسير معًا نحو الهدف المنشود ألا وهو خدمة الفقراء والمحتاجين، لا بد من توفر جملة من الخصائص نسميها في هذا المقام عشرية العمل الخيري المستدام التي تدعم الشرط المؤسساتي وتؤازره بل وتلازمه ملازمة الظل للشيء.  

عشرية العمل الخيري

- وما المقصود بعشرية العمل الخيري المستدام من وجهه نظركم؟

أول شئ في هذه العشرية الصلاح والإصلاح وروح المسؤولية، فهي صفات ضرورية لمن اجتباه الله لمهمة العمل الخيري الإنساني، ففاقد الشيء لا يعطيه

 ثانيا: النية الخالصة وصواب العمل اللذان يستوجبان المهنية العالية، فهما وجهان لعملة واحدة

ثالثا: خدمة الفقراء والمحتاجين، والمسح على رؤوس الأيتام، ومواساة الأرامل وإغاثة المنكوبين والملهوفين، وبناء وإعمار الأرض، وإنماء المجتمعات الفقيرة مما خربته يد الإنسان أو كان من ابتلاء الله.

رابعا: الشفافية والبساطة والصدق مع الذات ومع الآخرين، وهي تأكيد وضوح الرسالة وإخلاص النية.

خامسا: الاقتصاد وحسن التسيير وحسن التدبير المادي وهو من تمام المسؤولية والأمانة، فالمال مال الأيتام والفقراء.

 سادسا: التوازن في العلاقات بما يحقق الاستقلالية والاستمرارية والنماء للعمل الخيري وللمؤسسة.

سابعا: التكامل المؤسساتي والمرونة التنظيمية والتنفيذية ودمقرطة العمل الإداري في عملية اتخاذ القرار مطلوبة لحسم واستيعاب الكثير من المشاكل التي قد تعترض العاملين في الميدان الإنساني ولحماية المؤسسة وضمان نموها وتوسعها المطلوب.

 ثامنا: جعل العمل الخيري ملتقىً للحضارات والثقافات المختلفة فهو المؤهل بامتياز للعب هذا الدور، من أجل التقريب بين الشعوب ومن أجل بناء السلام والاستقرار الدولي.

تاسعا: الشراكة والحوار مبدأ أصيل من أجل التوافق وبناء قيم إنسانية سامية مع كل الشركاء والفاعلين في الحقل الإنساني على المستويين المحلي والدولي.

وعاشرا: محطات للوقوف مع الذات للمراجعة والنقد الذاتي المسؤول والبنّاء .

هذه هي شروط أساسية لاستشراف المستقبل، والمضي قدمًا على أسس أكثر صلابة، ورؤية أكثر وضوحاً وبرامج قائمة على التخطيط المحكم والمهنية العالية، التي تليق بالمستوى الذي وصلت إليه المؤسسة على المستويين الأفقي والعمودي .

وهذه العشرية تحتاج إلى شرط خاص يكملها ويقويها، نجده في قول المولى سبحانه وتعالى "  إن سعيكم لشتى * فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى".

هذه الومضات نحتاج إليها ونحن نسير على طريق الخير والعطاء، فهي تمدنا بالقوة، لنشق معا قنوات الخير والنماء، وسط صخور من الشقاء والحرمان، وتبعث فينا الأمل في استمرار نهر الخير متدفقًا وجاريًا في كل مكان وفي كل بقعة من العالم تتمكن الإغاثة الإسلامية من الوصول إليها.

"مرحمة" في ألمانيا وتونس

- كان لكم دور من خلال الجمعية الخيرية الألمانية "مرحمة" نرجو القاء الضوء عليها وعلى انشطتها ؟

تنطلق جمعية " مرحمة " الخيرية من عدد من المبادئ الإسلامية والقيم الإنسانية التي عرفتها الفطرة البشرية السليمة أهمها أن الإنسان أكرم من أن يسلمه أخوه الإنسان لمخالب الجوع أو أنياب الخوف، لأن الله سبحانه خلق هذا الكائن المكرم ليستخلفه في الأرض ويستأمنه على معايشها وأرزاقها، وعلى نفس أخيه الإنسان وأمواله وأعراضه وحرياته وحقوقه .

- قال سبحانه في محكم تنزيله : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ". ( الإسراء).

 - كما قال عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع: " أيها الناس إن أنفسكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا من شهركم هذا في بلدكم هذا ".

- فجمعية مرحمة الخيرية هي:

1 - جمعية تقدم العون والإغاثة المالية والرعاية الاجتماعية والنفسية لكل محتاج دون نظر إلى دينه أو لونه أو عرقه أو لغته وتعمل على تحقيق التنمية بالإسهام في خدمة وتنمية الإنسان صحياً وتعليميا واقتصاديا واجتماعيا ومهنيا.. من خلال شمولية مشاريعها .

2 - جمعية قانونيّة غير حكومية وغير سياسية.

3 - ذات نفع عام ومعفاة  من الأداء الضريبي .

4 - جمعية مسجلة بالرائد الرسمي التونسي بتاريخ24  سبتمبر 2011 تحت رقم115

 5- امتداد لرسالة جمعيّة مرحمة بالمانيا التي تاسست سنة 1999 وكان لها اسهام كبير في مجال العمل الخيري ونفذت مشاريع تربوية واجتماعية في عدد من البلدان مثل أفغانستان  ( مدرسة تؤوي حوالي 500 طالب علم من الجنسين) والنيجر ( عدد من الآبار  توفر الماء الصالح للشرب وسقيا الحيوانات والري الزراعي ) ومشاريع أخرى ذات طابع استعجالي مثل المساهمة في طي آثار الزلازل في عدد من المناطق .

6 ــ جمعية موثّقة لدى الجهات الرسميّة التونسيّة وعدد من الجهات والمؤسسات الإغاثية مثلا:

الكويت (الهيئة الخيريّة الإسلاميّة العالميّة - الرحمة العالميّة – النوري الخيرية) ، اوروبا (مؤسسة كاتشال – الإغاثة الإسلاميّة – إتحاد المنظمات الإسلاميّة ) ، قطر (مؤسسة سخاء).
-------------
طالع الحوار على موقع : علامات أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق