الأربعاء، 17 فبراير 2010

مجموعة مشكلات حيرتني

محمود- الشرقية :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كيف يعرف الخاطب أن المرأة التي أمامه ملتزمة أخلاقيًّا؟ وأيضًا هناك من العداوات بين الأشخاص ما يجعل الناس تنقل رؤيةً خاطئةً عن المخطوبة لمجرد النَّيل من خطيبها، وأن المجتمعات قد لا ترحم الإنسان، فلا يستطيع أن يقف على رأي واحد.

وما قولكم فيمن يذهب ليتزوج فتواجهه أمُّ الزوجة بأنه فقير رغم التزامه الديني؟ ولماذا لا يطبق المسلمون "إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه"، لا من جاءكم ماله فزوجوه؟ وما قولك فيمن ذهب ليتزوج فبادرته الفتاة بأنه من الإخوان المسلمين وهي تخشى على نفسها وأسرتها إذا ارتبطت به؟ وكيف يزيل الإنسان هذا الخوف؟

تجيب عنها ماجدة شحاتة- الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين):

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. حيَّاك الله أيها الكريم محمود..
يبدو يا بني أن الواقع المحيط بك إلى حد كبير غير منضبط بمكارم الأخلاق، ولا هو عارف بأسس التعارف والتآلف على نفع وخير الناس.

بالنسبة لسؤالك الأول عن كيف يعرف الخاطب أن الفتاة التي أمامه ملتزمة أخلاقيًّا، فإن الالتزام الأخلاقي يا بني له شواهد ومظاهر من حيث ظاهر القول ومظهر الفتاة، ومن حيث فعلها وسلوكها وردود أفعالها التلقائية تجاه المواقف والأحداث.. كل ذلك يوزن بميزان الشرع الذي هو جامع لكل مكارم الأخلاق، ثم إن هناك الدليل القلبي متى صفت القلوب مع الله، فهي لا تُخدَع فيمن ترى، وهي الفراسة التي ترى البشر بعين الله سبحانه وتعالى، ثم تلكم السيرة الحسنة التي يجتمع عليها المحيطون بها.

ولك أن تجعل لكل واحدة من هذه المعايير حجمها دون تضخيم بعضها وتحجيم البعض الآخر.

أما أن نضع آذاننا دون تبيُّن لرأي آحاد من الناس في فتاة ما، فهذا مما لا يؤمَن خطره، من ظلم للخطيبة، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾ (الحجرات)، فيراعى إسلام من يخوض في الشخص، ومدى التزامه الأخلاقي أو تفلُّته من أي خلق كريم، وعليه نأخذ بما نسمع فنتبيَّن، أو ندعه جملةً ولا نلتفت إليه.

ولتعلم أخي الكريم أنه لا يجب بأي حال أن نبني تصوراتنا عن الأشخاص من خلال آراء الآخرين، بل ينبغي أن نتعامل مع الناس بتجرد وحسن ظن حتى يثبت لنا عكس ذلك.

أما من ترد الخاطب لفقره فهذا حقها إذا رأت أن تجمع في الخطيب بين الدين والدنيا، أما أن يكون المال هو الأساس في الاختيار وهو السبب في رد الخطيب دون تأمل الدِّين، فهذا له وعيده فالحديث في معناه: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، فالفقر ليس سبةً ولا عيبًا ينتقص من قيمة الفرد أو كرامته، فقد وعد الحق سبحانه الفقراء نساءً ورجالاً بالسعة متى تزوجوا يقول تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)﴾ (النور).

وقد تعجب عمر رضي الله عنه من الفقير كيف لا يتزوج فيغنيه الله من فضله، وكانت بعض نساء الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا ينفقن على الأزواج الفقراء لغناهنَّ دون تحسس أو تردد، ولعل من تقيم اختيار زواج بناتها على المال وحده، لعلها ألا تجد من ذلك ما يقر عينها منه فقد يكون بخيلاً شحيحًا على ثرائه وغناه.

وقد يزدري الفتاة ويستكثر غناها ويراها ليست له أهلاً، فعلى قدر النية في الاختيار يكون صلاح الزيجة وتوفيقها لاستقرار واستمرار على مودة ورحمة.

أما من فاجأت الخطيب برفضه لأنه من (الإخوان المسلمون) وهي تخشى على نفسها وأسرتها من ارتباط به؛ فأعتقد أن العيب ليس فيها، لكنه فيمن تقدم إليها وهو لا يعرف كيف يحسن الاختيار من داخل البيت الدعوي ممن تتفهم مقتضى هذا الانتماء، وتدرك قيمة هذا الانتماء من حيث سمو الغاية ونبل الهدف.

أما من لا تعرف ذلك بل وتتخوف على نفسها قبل أسرتها فهذه لا تعدو واحدة من اثنتين إما أن تكون جاهلةً تمامًا بالدعوة ولا تعرف شيئًا من التزام ديني وخلقي، فهذه تحتاج إلى جهد كبير للتعريف من خلال وسائل متعددة، وإما أن تكون ملتزمةً لكن صورتها عن الإخوان مشوهة ومشوشة نتيجة الإعلام أو غيره من البيئة المحيطة، وهذه يمكن توضيح الصورة لها وتصحيحها بشيء من الحوار الهادئ وإعطاء النموذج القدوة في السلوك العملي للخطيب حتى لا نؤكد الصورة المشوهة، وحتى نزيل ما علق بها من تشويه، وأيضًا بمحاولة التأكيد على أن كل ما يثار من شبهات حول الإخوان هي من عمل الإعلام، ومحاولة لفت النظر إلى من حولها من المسلمين دون تحديد هوياتهم كإخوان على وجه اليقين، ومدى انتفاء وجود ما يخيف في سيرتهم ومسيرتهم، وأكد لها أن كل من يتصدر للدعوة ويخلص لها، فليس بمنأى عن الأذى، وهذا أمر طبيعي وسنة حياتية كونية، وأن المسلم يعتبر ذلك من الابتلاء الذي يطهره ويزكيه، فإن استجابت وأدركت وذهبت مخاوفها فبها ونعمت وإلا فإن طابور بناتنا وأخواتنا الراغبات في الزواج من شبابنا طويل مما يسبب الكثير من الأزمات، سواء على مستوى ارتباط بناتنا بغير شباب الإخوان، أو ارتباط الأخيرين بغير بنات الإخوان. فالتوافق على منهج دعوي واحد أقرب للتكافؤ بين الزوجين ومن ثم الالتقاء على قواسم مشتركة في الاهتمامات.

لعل حزمة الاستشارات هذه يا بني تضبط لديك بعض الأطر فيما حيَّرك، والله يوفقك ويسدد خطاك.
---------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق