الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

صارح والدك بعلاقاته حتى لا تنهار الأسرة

يقول السائل :
أنا طالب جامعي في السنة الأولى للجامعة، اضطرتني الظروف لأكون بعيدًا عن أهلي لمدة سنة.. ولم أكن أعرف ما يجري بالبيت كثيرًا، ولم أشغل نفسي بذلك.. وأنا دائمًا صديق أبي وأتخذه كصديق لي، وأتخذ مشورته في كثير من مواضيعي، وأصبحت ألزمه في كثير من سفرياته وغيرها من الأمور.. أبي يملك محلاًّ لبيع المشغولات الذهبية، هو دائمًا يتعامل مع النساء بشكل مباشر ليس ذلك هو الأمر... فكثيرًا جدًّا ما تتصل به النساء ليطلبن أشياء معينة، ويتحدث أبي في ذلك أمامنا "عادي".. ولكن الغريب أنني حين رافقته في إحدى سفرياته، وجدته يتحدث في الهاتف، فنزل من السيارة؛ حتى لا أسمع المكالمة، فقمت بفتح زجاج السيارة لأسمع ما يقول، ووجدته للأسف الشديد يقول كلامًا سيئًا لم أتخيل في يوم من الأيام أن يقوله.. خاصة هو الذي ينصحني، ويطالب مني دائمًا الحفاظ على نفسي.. وأتخذه قدوةً لي، ووجدته حافظ الرقم باسم رجل.. ولكني تأكدت أنه ليس رجلاً عندما اتصلت به،  تغيرت نظرتي له كثيرًا، وفكرت أن أواجهه فلم أستطع.. أمي لم تقصر معه في أي شيء أبدًا، بل تحافظ عليه، وتهتم به اهتمامًا كبيرًا.. انصحوني بالله عليكم.

يجيب عنها ماجدة شحاتة الاستشاري الاجتماعي بالموقع:

تأبى الفطرة أن تتغلب على المرء، مهما حاول أن يظهر خلافها، ومهما تكن في امرئ من خليقة.. وإن خالها تخفى على الناس تُعلم ويأبى البشر إلا أن يقعدوا الاستثناء، وأن يغّلبوا طبعًا على آخر في ظلم شديد لطبائع يجب أن تراعى في غير قفز على أخرى.

حياك الله يا بني، وحيا الله أباك الذي لا ينفك يقوم بواجباته تجاهك وإخوتك وأمك، وحيَّا الله الأبوين على هذا المستوى من التربية التي يصادق فيها الأب ابنه، ويعده على عينه لخوض غمار الحياة بتجربة واحتكاك يعطيانه خبرة تحميه من أن يقع فريسة السذاجة والفجاجة في ميدان ومعترك الحياة العملية.

ولا شك يا بني أن وجود الرجل في مهنة يحتك فيها بالنساء، أو وجود المرأة في محك عمل تختلط فيه بالرجال، لا شك أن توقع نزوع الفطر- كل للآخر- أمر وارد، وليس بمستغرب، والمسألة قد لا تتعلق بتقصير الرجل في حق زوجته، أو تقصير المرأة في حق زوجها، ولكنه الإلف والاعتياد، يوجد نوع ارتياح يتطور إلى علاقة يتوهم كل منهما أنه قد ارتبط بالآخر حبًّا لا يجده في رفيقه أو رفيقته، أو هو نوع آخر من الدفء لا يتصل بالرفيق زوجًا أو زوجةً.

وقد يكون الرجل ضحية خضوع امرأة وإلحاحها، أو أن تكون المرأة صيدًا لرجل، وهكذا فيما يتصل بالعلاقة بين الرجل والمرأة في ميادين العمل والاختلاط، غير المنضبط، أو المنضبط أحيانًا فلا يجب إنكار الانحراف بالغرائز عن مسارها الصحيح.

وما وقع فيه أبوك ربما يكون أمرًا طبيعيًّا، فيما لو أنه لم يخفِ ذلك، أو مهد له باعتماده وتقريره مبدأ التعدد من خلال حوارات حول زواج الرجل بأخرى، أو محاولته تصحيح الصورة دفاعًا عن التعدد فيما لو ضمنها العدل، واحترام وتقدير الزوجة أيًّا كان ترتيبها أولى أو ثانية، أخشى ما أخشاه أن تظل علاقة أبيك بهذه المرأة في الحرام، وألا يجرؤ على الزواج بها أو الانصراف عنها.

لقد أنضج والدك شخصيتك من خلال مرافقتك له في عمله وسفرياته، استجمع شجاعتك، ولا تشعر بخجل يا بني، فكون أمك لم تقصر في واجباتها تجاهه ليس مبررًا للحجر على أبيك إذا كانت صلته بالأخرى قد دخلت حيز الزواج.. فعليك:

أولاً: أن تغير نظرتك الدونية لوالدك، وأن تقتنع بأن هذه غريزة وفطرة كل ما يراد منه أن تكون في مسارها الصحيح، دون ظلم لأحد؛ ولعلها عثرة يا بني سرعان ما يفيق منها، ويقفز عليها إن شاء الله.

ثانيًا: أن تفاتحه في شأن هذه المرأة في هدوء ودون تجريح؛ لتعرف إلى أي حد وصلت علاقتهما.

ثالثًا: أن تطلب منه أن يحافظ على الصورة المثلى التي له في نفوسكم، وأن ترجوه ألا يُضار أحد من أسرتكم بعلاقته تلك.

رابعًا: أن يحدد طبيعة هذه العلاقة وإلى أي مرحلة وصلت؛ ليمكن تفادي انهيار الأسرة في حالة علم الأم بالأمر، واختيارها ألا تكون لها ضرة، أو هشاشة هذه العلاقة، وتغليب مضارها بعد النظر إليها في الضوء الكاشف، وليس في ظل التخفي والتستر.

خامسًا: حاول إقناعه ليناقش المسألة مع والدتك في هدوء واتزان؛ لعلهما معًا يصلان لقرار يحفظ على الأسرة تماسكها؛ سواء بالزواج من الأخرى، أو قطع الصلة بها تمامًا.

لعلك يا بني يصلح الله بك، ويلم شمل أسرة يكاد ينفرط عقدها إذا لم تنضبط بضوابط الإسلام وآدابه في هذا المحك الأصعب على الوالدين.

وفقك الله، ولعلك تطمئننا على مسارات الأحداث.
------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق