الأحد، 7 يونيو 2009

لا تهزك وساوسك واعتباراتك الشكلية

يقول السائل :
أنا شاب في بداية حياتي، عمري 25 سنةً، تخرجت في تخصص نادر، وأعمل في مكان متميز يتمناه الكثيرون، وهذا طبعًا بفضل الله ثم بمجهود أهلي معي، وأخطط في المرحلة القادمة لتكوين أسرة، وهذه هي مشكلتي فأنا معقد نفسيًّا من شكلي، الحمد لله، هذه خلقة الله، ولكن أنا على اقتناعٍ تام بأن شكلي منفر، فأنا قصير جدًّا، وأعرف أن هذا الشكل لن يعجب أي فتاة، ولن ترضى فتاة بالارتباط بي؛ إلا إذا كانت تخشى على نفسها العنوسة، أو أنها قد تنظر للمستوى المادي والاجتماعي، وما زاد من عقدتي أنَّ كثيرًا من الشباب الذين أعرفهم رُفضوا بسبب شكلهم الخارجي، وهم بالنسبة لي أحسن شكلاً، وأنا الآن أعيش اضطرابًا نفسيًّا كبيرًا، فأنا أفكر في الزواج وأخشى الرفض.

تجيب عن السؤال ماجدة شحاتة الاستشاري بموقع (إخوان أون لاين):

ابننا الكريم.. على رسلك يا بني فيما تتصوره عن نفسك، من حيث الشكل، ونسيت أن الناس تتفاوت فيما بينها في تذوق وتقدير الجمال، وأنه لا جمال إلا جمال الروح والطباع، ورقة النفس، وتدفق الحس، ودفء الشعور.

أنت في تخصص نادر ومكان متميز؛ ألا ترى أن الله عوَّضك بهما عما تحسه من قبح الشكل؟!.

ومتى كان القبح كريهًا عندما يقترن بغلظة الطبع وفظاظته وقسوة القلب وجفوته، كما هو الجمال الكريه؟!.

إذن السلوك الواقعي هو الذي يغير قناعتنا بالشكل أو المظهر.

إذا رأيت نيوب الليث بارزة       فلا تحسبن الليث يبتسم

ألا ترى الحية أكثر نعومةً؟!

لو قرأت مقالة القبح الجميل للرافعي- رحمه الله- لتغيرت قناعتك، ولعرفت أن كل خلق الله جميل، وأن مَن لا يشدك إليه يشد غيرك، وما لا يجذب غيرك قد يسحرك.

واختلاف الناس في تقبل بعضهم بعضًا؛ إنما يرجع إلى توافق الأرواح أو تنافرها، بغض النظر عن أشكالها.

ولعلك لم تقدِّر نعمة التميز التي منحك الله إياها، فلم تثق بها كمنحة ترفع قدرك في نظر الآخرين، دون أن تكون مطمعًا لإحداهن كما تزعم، أو أن تتصور أنه لن ترضى بك إلا عانس فاتها قطار الزواج.

لماذا هذا الظن السيئ بمَن سترضى بك؟! ألا ترى أنه حكم مسبق لا يستند على أي أساس إلا نظرتك الدونية لشكلك وحصرك مقومات الإنسان فيها وحدها؟!.

ألا ترى أن هذا الحكم المسبق؛ سيوجد الكثير من المشاكل فيما بعد بينك وبين من سترضاك زوجًا؟!

 لست معك يا بني في قوقعتك هذه، ولا فيما سرت به بين الناس، اعتقادًا منك أنك لن تكون محط اهتمام وجاذبية أحد.

عليك أن تستعيد ثقتك بنفسك كإنسان مكتمل الخلقة متميز القدرات، لا تهم تفاصيل الوجه بقدر ما تهم تعبيراته، ولا يهم طول الشخص أو قصره بقدر ما يهم ما يصدر عنه من سلوك راقٍ أو متدنٍ، أعرف في واقعنا أزواجًا على النقيض من بعضهما في الشكل قبحًا وجمالاً؛ لكني أعرف أن الله الذي ألف بينهما، رزقهما من دماثة الأخلاق ورقة الطباع وحلاوة الروح وطيب المعشر ما استقامت به حياتهما دون أي تكدير.

بني الكريم!!.

لقد كرَّمك الله في أحسن صورة، وفضَّلك على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً كثيرًا، والكرامة الإنسانية تأتي من شعور المرء بانتمائه لخالقه، وثقته بأنه لم يُخلق عبثًا، وأنه دم ولحم يختلطان فينتجان إما سموًّا وإما دنوًّا، وإشراقة النفوس الذكية وحدها على من حولها؛ هي ما تحدد مكانة المرء لدى الآخرين، فانخلع عما أنت فيه من وحل الشعور بالدونية، واشمخ بذاتك المسلمة وطاقاتك المتميزة، وادخل البيوت طالبًا وراغبًا في بناتها بنية خالصة أن تعف نفسك وتعف مسلمة مثلك، دون أن تهزك وساوسك واعتباراتك الشكلية.

لا تتردد، المهم أن تصحح قناعتك عمن سترتبط بك، فهي بلا شك وجدت فيك ضالتها، ولعلك ترزق حبها بما لا يثير أي غرابة، فالقلوب بيد الخالق سبحانه، وثقْ أن هناك من النساء من تجد فيك ما يغريها بك، كما أن المرأة- أي امرأة- يجد الرجل فيها ما يغريه بها؛ رغم اختلاف الأشكال والصور والقسمات والألوان.

لا تخفْ من رفض بعض الفتيات، المهم أن تحسن الاختيار، فلن تعدم من ترضاك بحبك زوجًا لها.

ولا تخشَ أن ترد من أحد بما لا يضعف من ثقتك بنفسك، ونمِّ هذه الثقة؛ فأنت أهل لأن تؤتي البيوت الكريمة، وتجد منها ما يسرك.

راسلنا بني لنطمئن أنك قد أسست بيتًا على قيم، ومثل الخير، وأصالة المعدن والجوهر!!. 
---------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق