الخميس، 4 يونيو 2009

كيد الآخرين لا يضعف من حبك الخير

تقول السائلة :
أنا طالبة بالفرقة الثالثة الجامعية، ومشكلتي مع صديقتي الوحيدة، وهي في نفس الوقت ابنة عمي، ونقطن في بيت واحد، عشنا طوال عمرنا معًا نلهو ونتشاكس، وعندما كبرنا التحقنا بنفس الكلية واندمجنا جدًّا؛ ولأنها فقدت أمها كنت أحاول أن أعوضها وأشعرها أن هناك قلبًا يحبها ويسمعها، ولكني لم أكن أعرف أنها تحمل لي كل هذا الحقد والغيرة؛ فقد كانت تغار مني في أشياء كثيرة، وتقلدني في كل شيء حتى الأشياء التي ليست في حاجةٍ إليها، وكنت أقول في نفسي قد يكون ذلك بحكم قربنا من بعض، ولكن لم أتصور أن تصل غيرتها إلى أن تُكلِّم الإنسانَ الوحيدَ الذي عرَّفتها أنه يحاول الاقتراب مني، وأن لديه النية للزواج مني.

وظلت تقترب منه حتى قالت لي إنه يريد أن يطلبها للزواج، وهي تعرف شعوري ناحيته، لقد استغلت ابنة عمي وصديقة عمري تحفظي مع هذا الشخص وقربت هي له، بعدها شعرت أني أحترق، وعلى الرغم من أن هذا الإنسان شكاها لي غير أني دافعت عنها وعن أخلاقها، ولما عرفتُ ابنة عمي أن هذا الشاب لا يستحقها وأنها ظلمتني وأني دافعت عنها؛ طلبت مني أن أسامحها، وقالت إن هذا كان خارجًا عن إرادتها، وإن هذا الشاب لا يهمها بالمرة لأنه مخادعٌ.

بعد هذا الموقف أصبحْتُ لا أستطيع التعامل معها ولا أن أُسامحها، وأنا أعلم بكل هذه الغيرة بداخلها وفي نفس الوقت ألوم نفسي؛ لأنها بلا أم.. أنا حائرة ولا أعرف ماذا أفعل معها!! فقد كرهتُ الصداقة والحب، وأصبحت أخشى مصاحبةَ أية فتاة، وحتى أصبحت أكره أي شاب وأرفض أي فرصة للزواج؟

* تُجيب عن الاستشارة ماجدة شحاتة الاستشاري بموقع (إخوان أون لاين):

أهلا بك بُنيتي الوديعة، سيظل الخير والشر في هذه الدنيا يصطرعان، ولكل أهله ونصيره، وأصحاب السجايا الطيبة والقلوب السليمة والخالية من الحقد والغل والحسد يقع عليهم الكثير من الغبن ولؤم طباع الآخرين، غير أن العاقبة الحسنة لن تكون إلا للخير وأهله، ولهذا يثابرون على مكارمهم مهما لاقوا من عنت.

ثقي في هذا أيتها الابنة الكريمة، ولا يضعف من حبك الخير كيدُ الآخرين، واحرصي على ما ينفعك وينفع ابنة عمك وصديقتك، واصطبري على أذاها في وعي منك وفطنة، وابقي بجوارها حتى ترديها إلى مكارم أخلاق تحرص عليها وتلتزمها في واقعها.

لا شك- بنيتي- أنني لستُ مع التداخل والتشابك الذي يصل بالعلاقات الإنسانية حد إلغاء الخصوصيات، وأن يكون المرء كتابًا مفتوحًا؛ بحيث تعرف نقاط ضعفه وقوته، فيؤتى من قِبَلها، لا تنقطعي عن ابنة عمك واحرصي على مودتها بما لا يمكنها من الكيد بك مرةً ثانية، وتخلصي من الشعور بمرارة ما فعلت معك، فما بينكما ليس مجرد صداقة، ولكنه عمومة ورحم، هما أولى بالبر والعفو والصفح الجميل وأحبي لها من الخير مثلما تحبين لنفسك فإنه: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

 ولا عليكِ مما تتوجسين فيما لو لم تطلعيها على كل شأنك، شاركيها الهم والاهتمام لأمرها، بفطنة وكياسة ووعي.

 وجنِّبي نفسك ما انعكس عليها من كره الجنس الآخر، فكما التقيتِ الكذوب المخاتل فهناك الصدوق المؤتمن، ولا تحكمي على الناس جملةً، واعرفي لكلٍّ قدره وحقه، ولا تضعي الناس في سلةٍ واحدةٍ من السوء من خلال موقف لا ينبغي أن يأخذ من تفكيرك الكثير، اللهم إلا العظة والعبرة والحكمة بالتجربة.

 لا تفقدي ثقتك بالخير وقدِّمي المعروف لكل أحد بِغَضِّ النظر عن موقفه منك، وتسامحي مع المسيء، واحذري ألا تكون ثم فواصل بينك وبينه تحفظ لك غيبتك وقدرك.

تمنياتي لك بكل التوفيق ودمتِ بنيتي بارة.
-------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق