السبت، 19 يناير 2008

طموح كاذب !

بقلم : ماجدة شحاته
لم تكن ضَجِرَةً ولا متبرِّمةً؛ فالزوج يحمل عنها عبء كل شيء- من وجهة نظرها-؛ يصونها، يكفُلُها، ويرعاها.

ثمَّة خلافاتٌ قد يثور بركانها غيرُ مدمِّرٍ ولا مخرٍّبٍ، بل يترك الحياة خصبةً ثريًّةً، لم يكن الخلاف نارًا تحت رمادٍ رطبٍ أو جافٍ، ولم تكن عناصر بركان تتفاعل في العمق لتطفوَ ثائرةً فوق السطح، تراها مِلحَ الحياة؛ يخفف من عذوبتها حينًا لتعود كما كانت أحلى وأعذب.

اختلاف وجهات النظر ومستوى الثقافة.. كل ذلك لم يكن عائقًا، ولم يكن ضخمًا في نفسها؛ فالحياة لا بد أن تستمر، وثمة الرباط لا يمكن أن ينحلَّ، وبراعم لا بد أن تنشأ تترعرع في جوٍّ صحيٍّ آمنٍ.

فلتقفز على كل صعب؛ فليس هناك ما يجرح كرامةً أو يخدش شعورًا، ولم تجد حاجةً إلى تطويره وتغييره؛ إذ تأوي إليه كركنٍ شديدٍ؛ فظله بألف ظل وإن وهن، أقبل راغبًا وقد بذل وسعه، لم يرخصها المهر، لم يدعها لعنوسةٍ تمزِّقها، لم يُطِل انتظارها لرجلٍ يطرق بابها، ولم يأتِ فتبوء بقلقٍ وحسرةٍ على أنوثةٍ لم يثمِّنها أو يلتفت إليها رجلٌ- أي رجلٍ-!!.

فماذا عساه أن يفعل ليكون الرجل الذي تريده؟!.. ينخلع بالكلية عن إرثه العرفي في نظرته إلى المرأة التي يرى أن فيها بعض جنوحٍ واستضعاف؟!.

المهمة تحتاج إلى أمدٍ طويلٍ عبر ترسيخ ثقافة إلغاء التمايز بين الرجل والمرأة فيما عدا خصوصيات الأنثى بعدم القفز عليها.

لكنها تريد حلاًّ سريعًا يصبح سلوكَ أمةٍ وليس سلوك أفرادٍ؛ ولأن الطموح فيه جموحٌ فقد تغيَّرت النظرة إلى كل شيءٍ في رجلها، بل في العرف كله بمجتمعه وإن كان فيه ثمَّة قيمٌ ومُثُلٌ أُسيءَ استغلالها.

أعلنت ثورتها عارمةً طاغيةً، مصادرةً رجولته؛ تُضخِّم كل عيب، وتُعظِّم كل سلبيةٍ، وتُبرز كل نقيصةٍٍ.. أسقطت كل إخفاقاتها منذ البداية على الرجل- والرجل وحده-، لم تكن وسطًا بين استسلام واستبداد: استسلام الأنثى حين تغفل عن دورها في التفعيل الذاتي والارتقاء النفسي والبناء الشامخ لكيانها الأسري، واستبداد التسلط لدى أنثى "مسترجلة"، تستضعف الرجل في تطورٍ هو الأخطر في طبائع الرجال!!.

إن ثمَّة توازنًا لا بد أن يحدث، وممارسةً لا بد أن تفرض نفسها في سلوك الأمة؛ كي لا تُتَّهم في وضعية المرأة المهانة في واقعٍ يعجُّ بأخلاط من أغلاطٍ عن الرجولة وفحولة الرجال، والقوامة وإعضال النساء!!.

لتكن البداية- منذ البداية- في التكوين الأسري توريثًا وترسيخًا وتعميقًا بالممارسة لحقيقة الوضع الكريم للمرأة في التصور الإسلامي ودستوره؛ ليصبح منهجَ حياة.

أنت مسئولةٌ عن صناعة الإذلال وصياغة الهوان، مسئولةٌ عن الخروج من نفق الاستضعاف، ليس بالإلغاء للرجل، وليس بتنحيته عن دوره في قيادة السفينة؛ فبذلك تزداد نماذج السوء والتشرذم، ونظن أننا نعالج، ولكنها إضافةٌ جديدةٌ في سجل التخبُّط في قضايا النساء!!.

كوني فاعلةً بلا ركونٍ لأسهل الحلول؛ فزوجك ليس خلوًا من قيمةٍ ومبدأٍ، وليس فارغًا من هدفٍ وغايةٍ، ولكنه إحساسك الضخم بما صرت إليه، أفقت من جمودك، ورأيت بعض شموخك، فأردت كيانًا مستقلاًّ فيه شعور بالاستغناء عن رجلٍ، والاستقلال عنه بعد أن اختصرت أسباب معاناتك كلها فيه!!.

وها أنت ترينه بوجهٍ آخر، فأعلنتِها حربًا عليه ضاريةً، منطلقةً من ثقافةٍ تعزو ظلمه إلى قرونٍ مضت يُظنَّ فيها أن الأنثى فيها ذلَّت، وأن فقهًا لسد الذرائع قد حَجَبَ الشرائع.

فاتهمتيه ونال منك، وكأنَّ الوضعيةَ المهينة للمرأة لصيقةٌ بالإسلام في عهود تخلُّفه- كما زعمت- ولم يكن كذلك، بل روَّجوا وصدَّقت، والحقيقة أنكِ أنثى، ثقافة التغريبِ والتذويبِ، وسياسة تعليمٍ ماكرةٍ تُكرِّس فيك وفيه شيئًا آخر غير احترام خصوصية كلٍّ منكما!!.

"ولكنَّ النساء للرجال خُلقن، ولهن خُلق الرجال".. فقهٌ أعرابيٌّ لفطرةٍ سويةٍ لم تلوثها سياسةٌ إعلاميةٌ خبيثةٌ أفسدت النفوس وأشاعت الفحش، وبدَّلت وغيَّرت عبر نماذج وأعمالٍ جُمَّدت الحس تجاه المنكر، فصارت ديوثةً، غيرَ منكرةً، حتى في حسِّ البسطاء!!.

إذن فأنت وهو مخرجاتٌ مشوَّهةٌ لثقافة حضارةٍ ظاهرها فيه الرحمة بك، وباطنها من قِبله عذابكِ وشقاؤك، وها أنتِ وهو تحصدان مرارةً وتشرذمًا، وبخسًا وإعناتًا!!.

ولم يكن الإسلامُ- حديثًا- مسئولاً عمَّا وصلتِ إليه؛ لأنك سرتِ خلف غيره، وتنكَّبت على سواه منذ جيل تحريركِ في زمنِ تغييب الإسلامِ عن الحياة، َفِلَم تمُدِّين مساحة الزمان لتضربي بالاتهام في قرونٍ خلت لم تكن المرأة فيها إلا كريمةً عقيلةً حرمةً؛ يصونها ويكرمها الرجل ويفديها بألفِ روحٍ وروحٍ؟!.. لم يكن ذلك هوانًا، بل ارتفعت بها مروءة الرجال إلى أن تكون مثله كرامةً وكيانًا.
---------------
طالع المقال على موقع : إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق