الثلاثاء، 29 يناير 2008

ليته ربع رجل !!


بقلم : ماجدة شحاته
جلست إلى مرآتها، تعيد ترتيب الأشياء أمامها، تناولت قطعة من القطن، أخذت في تنظيف المرآة وتلميعها، وكلما مرَّت جيئةً وذهابًا ازدادت المرآة لمعانًا، وازدادت الصورة بهاءً ووضوحًا، اقتربت أكثر، أخذت تتأمل وجهها، ملامحه، قسماته منذ متى لم تتأمله؟! ولم تمعن النظر فيه؟!!

راعها ظهور نمش متفرّق متناثر فوق الجبهة وجانب الأذن، رفعت رأسها قليلاً، فإذا ببعض تجاعيد حول الرقبة، هالها الأمر!! تلفتت يمنةً ويسرةً، فإذا خيط أبيض لا يكاد يبرز أو يُعرف من أول نظرة إلى شعرها المنساب على كتفيها، أحسَّت بغُصَّة في حلقها، وأسى في نفسها، تكاد تترقرق دمعةٌ من عينيها، إذ كيف لا تبدو تلك الشعرات البيضاء، وهي تُنهي عقدها الرابع؟!

سرى فيها شعور باليأس، الإحباط، الانكسار، كأن حلمًا قد طيَّرته يقظة مفاجئة، "لا بد أن ينقطع الأمل في طارق جديد، فما عدتُّ أصلح للرجال.

هكذا حدّثتها نفسها، الألم يعتصرها، بل الندم حسرة على ما فوَّتته.. نعم فوتته، لقد ظلت ترفض من يطرق بابها بغير سبب؛ غرورًا وانخداعًا بامتلاكها أسباب تهافت الرجال عليها، فجأةً انقطع طلاَّبها لتمر سنةٌ في إثر غيرها دون صوت أو خبر.

أخيرًا جاءها راغبًا، متزوجٌ له ظروف خاصة، يأمل- وقد فاتها سن الشباب- أن ترضى به زوجًا، متفهِّمةً حاجته إلى أخرى، غير أنها لم تمهلْه حتى يبين لها رغبته، وحلمه في الارتباط بها بعد كل هذه السنوات.

فثارت غاضبةً، ثائرةً، مستنكرةً، إذ كيف ترضى بنصف رجل، وهي التي.. انحبست الكلمات، لم تستطع أن تكمل، وفي أنفةٍ تقرُّ بأنه لا يناسبها رجل بظروفه هذه، فلن تكون زوجةً ثانيةً أبدًا، ولرجل له صغاره! مهما تكن ظروفه، أو دوافعه للزواج بها.

وتمضي السنون بلا رجل، وحيدةً، كئيبةً، وقد مضى كل في سبيله، مشفقًا عليها، داعيًا لها، تتمنَّى لو عادت بها الأيام مدركة نعمة أن يخطبها رجلٌ.

تذكرت ذلك الرجل، كيف لم تأوِ إلى ركنه؟! بل كيف لم تستدرك به ما فاتها حتى لو كان نصف رجل؟!

صكَّت أسنانها ندمًا.. ردَّدت في حسرة: وليته كان الربع!!.

انهمرت دمعة ساخنة على خدِّها الذي أرهقته أدوات الزينة، ترقُّبًا لعريس منتظر، غير أنه لم يحضر .
---------------
طالع المقال على موقع : إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق