السبت، 10 نوفمبر 2001

هكذا تغيرت

بقلم : ماجدة شحاته
جلست في المقعد الخلفي من سيارة زميلتها .. يقودها زوج الزميلة التي تجلس إلى جواره .. أخذت الزميلة تتحدث إلى زوجها في أحاديث عامة وخاصة .. وهو ينصت إليها بكل اهتمام .. يرد عليها في وقار واحترام .. تتخلله كلمات ثناء ودعاء ومديح .

لفت انتباهها تلك العذوبة المنسابة على لسان الزوج ، وهذا الهدوء الجم الذي به يصفي لزوجته : الأصوات لا ترتفع النبرة هادئة  .. المناقشة عاقلة .. لا انفعال ولا ثرثرة .. حتى إذا تحدثت الزميلة بكلام مغضب فإنه إما أن يمر عليه مرور الكرام .. أو يحوله جهة أخرى على معان أخرى .

طوال الطريق لم ينفك حوار الزوج وزوجته يتتالى - بما يحوطه من انسجام .. وتعالٍ من الزوج على مغضبات الزوجة أحياناً - جلست في مقعدها الخلفي ترقب الأمر ، وهي شبه ذاهلة .. تذكرت أن ما بينها وبين زوجها من الحب والود لم يشفع لها في النقاش عند زوجها .. فيمتص غضبها او يحتمل ثورتها .. إن زوجها أحياناً ليغلق باب النقاش ضيقاً وتبرماً .. وهي لا تزال في جعبتها الكثير لتوضيح ما التبس عليه من الأمر .. زفرت زفرة اسى لما تفقد عند زوجها من المزايا التي يتصف بها زوج زميلتها .. تركت زميلتها وزوجها فيما يتحدثان فيه .
سرحت بعيداً فيما يدور في حياتها ، تزاحمت الأفكار على ذهنها المرهق .. بدا موقف زوجها منها ضخماً .. بل لعله تضخم أكثر عندما رأت تلك الرِّقة من زوج زميلتها وهو يناقش زوجته .. بدا زوجها لها كأن لا حسنة فيه .. لم تر منه سوى جملة اتصالاته عند أي اختلاف في وجهات النظر .. أخذت تعزى كآبتها لطريقته في المحاورة ، حتى أولادها وطريقتهم في رفع الصوت عند الكلام .. لا شك أنهم متأثرون بطريقة الأب .. فمن شابه أبه فما ظلم .. إذ كل شيء سيئ في حياتها مرده إلى زوج منفعل يغلق باب المحاورة عند أول خلاف .

تنهدت تنهيدة عميقة أخرجت معها كل زفراتها .. كادت تطبق عليها الدنيا وتظلم .. ماذا لو اختلف الوضع ، وكنت أنا الجالسة على الكرسي الأمامي ؟

أي سعادة كنت سأجدها .. وأي هدوء نفسي كنت سأتمتع به .. يا لها من أفكار سود من هوى شيطاني متبع .. لا .. لا يمكن فكل شيء مقدر .. ولكل شيء مجراه وتقديره .

أستغفر الله العظيم .. أستغفر الله العظيم .. هكذا رددت كأنها أرتكبت جرماً فادحاً في قرارتها حين تمنت ذلك ..

لعله خيانة قلبية لزوج تحبه .. ماكان لها أن يدور في خلدها مثل هذه الأفكار .. ولكن لقد ضاقت درعاً بما تفتقد لدى زوجها .. إنه لم يكن بهذا الشكل قبل أن تركب مع زميلتها .. بدأت مرة ثانية تتزاحم الأفكار عليها لتلتف حولها .. ولكنها لم تكد تبدأ حتى توقفت السيارة .

نزلت ومعها زميلتها التي أعطت لزوجها موعداً للرجوع .. ترددت وزميلتها على محلات كثيرة  .. كانت دائماً تنظر في ساعتها لتذكر الزميلة بموعد عودة الزوج .. الزميلة لا تكترث كثيراً .. غير أنها لا تحب أن ينسب التأخير إليها .. مرة ثانية تذكرها بالموعد ، وفجأة يدخل الزوج عليهما المحل .. فيتوجه للزوجة .. ترقب الخطو .. لتفاجأ بنظرة غاضبة لم ترها من زوجها .. دفع الزوج زميلتها بقوة يدها تماسكت الزميلة أمام صاحبتها .. تعاتب الأخيرة عما حدث كي لا تحرج زميلتها .. ركبت السيارة فتوالت عليها الأفكار .. وتلاحقت علامات استفهام كثيرة أمام موقف زوج الزميلة حال غضبه .. لقد كان منظره قاسياً جافاً غليظاً .. شتان بينه عند الذهاب وعند الإياب .

كيف تصورت اختلاف الوضع ؟! وكيف سمحت لنفسي عقد مقارنة ؟ كيف غرني ظاهر الحديث فقلب كياني رأساً على عقب؟!

نعم لقد نظرت إلى ماأفتقده في زوجي من صبر على المحاورة وهدوء عند النقاش كما لو كان طآمة كبرى في حياتنا .. وعميت عن كثير من فضائله .. إن منتهى ثورته أن يغلق باب النقاش حتى لا يتطور إلى أي شيء .. بالطبع بالنسبة لاستعمال إليد عند الغضب يعد قمة التأدب .

استغرقت صاحبتنا في أفكارها فلم تشعر بما حولها حتى توقفت السيارة عند البيت 0 صعدت إلى شقتها فاستقبلها زوجها ، سلمت عليه وأمسكت بيده تقبلها توبةً واعترافاً .
تعجب الزوج فبادرته : دعني أشعرك بما كانت أمي تشعر به أبي .
رد الزوج : ماذا فعل بك السوق؟
ردت في هدوء : لقد كان نقطة تحول في حياتي نحو الأفضل لنا جميعاً .. فالحمد لله لقد جاء هذا الدرس في وقته وفي حينه
  
مكة المكرمة في 2/4/1422هـ
-------------
طالع المقال على موقع : طريق الإسلام
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق