الخميس، 26 يناير 2012

المجلس العسكري إذ أنجز وعده


بقلم : ماجدة شحاته
ها قد وضعت الانتخابات أوزارها، وحطت عنها الأثقال التي كانت تحيطها، وانكشفت الرؤى، واستبانت القوى ضعفًا وقوةً وتأثيرًا، وتعددت الاختيارات، وتنوعت الإرادات، لكن يبقى الاختيار الأقوى، والإرادة الأكثر نفاذًا تلك التي اختارت الإسلاميين على اختلاف ألوان طيفهم.

وبعيدًا عمّا شاب العملية الانتخابية من رذاذ ثقافة ما قبل الثورة بحكم استحكامها على مدى عقود طويلة في استقطاب الناخب الأمي، والتأثير عليه، وعجزه عن التمييز في الاختيار بين رموز صُنِعَت لأجله،  ثم هو يعجز عن التعرف عليها، وما زاد من عجزه إيراد الرموز المتشابهة، أو التي ليست في محيط احتكاكه أو رؤيته ومعرفته، غير مقدرة أميته وجهله، وإذ تصبح هذه الشريحة- رغم كثرتها- رقمًا صعبًا في التعرف على حقيقة قوة المرشحين، سواء كانوا مستقلين أو حزبيين، ورقمًا صعبًا في تحدي الأمية بكل أشكالها.

ثم تبقى العملية الانتخابية بطريقتها وممارساتها الحالية، بحاجةٍ إلى بحث ونظر وتأمل؛ وصولاً إلى تطوير أو تعديل، يأتي بنواب يجدر بهم أن يكونوا أهل حل وعقد، من حيث القدرة على الرقابة والاقتدار على المتابعة والتشريع، والتخصص النوعي المتميز، بحيث يتم ترسيخ دور المجلس النيابي كسلطة تشريعية نافذة الإرادة في تقدير مصالح البلاد على كل المستويات.

ولنعترف أن المجلس العسكري- رغم كثير من الإجراءات والقرارات المسيئة والقاصرة- استطاع أن يخلف الظن، ويبدد الهواجس والمخاوف من إمكان إجراء انتخابات نزيهة في ظل انفلات أمني، وحضور طاغٍ لسطوة البلطجة، وسلطة المال لدى شبكة أصحاب المصالح في النظام البائد.

لقد توفرت للمجلس العسكري إرادة مخلصة، في تأمين الانتخابات بمراحلها المختلفة، وبدت قوة الجيش الناعمة في شوارع مصر وحاراتها، تمسح عن المصريين شوائب صورة ذهنية، كادت أن تصبح حاجزًا نفسيًّا بين الشعب وجيشه، غير أن السلوك الراقي والحضور الواعي للجيش فرض هيبة واحترامًا وتقديرًا، انعكس إيجابيًّا على سلوك الناخب، ومسارات العملية الانتخابية كلها، وبدت قوة البلطجة، وكأنها تحت السيطرة، مما يثير الريبة حول آلية تفعيلها وتنشيطها.

من هنا نتوقف للتأمل والمقارنة بين إرادة أخلصت فأنجزت، وهيمنت في غير إضرار أو عبث، وإرادة غابت أو قل إرادة كان ينقصها الإخلاص والوضوح في الرؤيا وتقدير المآلات على مدى الشهور المنصرمة، بما أتاح الفرصة للقوى المغرضة في الداخل والخارج أن تتآمر على مصر الثورة؛ فتدخلها في منعطفات كانت في غنى عنها استنزفت- ولا تزال- الكثير من الموارد والطاقات.

إن إجراء الانتخابات بهذه الحماية الأمنية، والسلاسة الإجرائية، وتلك النزاهة الفارقة في تاريخ مصر، لدليلٌ على أن الجيش يمكنه أن يقدم لمصر الثورة الكثير من الاستغناء، والمزيد مما يحقق أهداف ثورتنا المباركة، ويضعها على طريق النهوض الذي لا تكبله القروض، ولا إملاءات الخارج، أو التحركات المشبوهة لعملاء الداخل.
---------------
طالع المقال على موقع : إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق