الاثنين، 25 أبريل 2011

لا وقت للجدل .. فقد وجب العمل

بقلم : ماجدة شحاته
لما أُرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجاءه الأمر بأن يصدع بما يُؤمر؛ مبلغاً العامة والخاصة الرسالة الخاتمة، ولما كانت المهمة من الخطر والعظمة بمكان كان تقديره صلى الله عليه وسلم عظيماً، إذ أيقظ خديجة رضي الله عنها قائلاً: مضى عهد النوم يا خديجة ؛ استشعاراً منه صلى الله عليه وسلم لخطر ما هو قادم عليه و ما سيتحمل من عظيم العبء والمسؤلية وما سيلاقي من العنت والتحديات، إذ يصبح للمرحلة مقتضى آخر مغاير تماماً حتى في ساعات النوم لأنه حانت ساعة التضحية والفداء بكل رخيص وغال.

وهكذا يكون استشعار القائد الرائد مسؤلية المرحلة فيستنهض لها الهمم والطاقات ويؤلف حولها كل مخلص يُـتَـوسم فيه القدرة على أن يستفرغ الجميع الوسع والجهد.

ومصر الثورة أشبه ما تكون بفرنسا في ثورتها التي بنت أوربا الحداثة والحضارة، مصر التي تولد ويُـعاد بناؤها من جديد، فقد كان كل شيءٍ خراباً حتى الإنسان نفسه، اُستُهدِف في عقله و قيمه وصحته،وإعادة هذا الإنسان لنفسه مهمة ليست سهلة،كما هو إعادة بناء مصر الحرة المستقلة،المتحررة من ضغوط الخارج، فإغناء مصر عن الدعم الخارجي هدفٌ لابد أن يكون من الأولويات،يجب تنفيذه بأي طريق،وليس حلماً تحقيقه فوفقاً لسياسة إعلامية موظفة يمكن تجميع المصريين في الداخل والخارج على الشراكة في كل المشروعات بحيث تبقى موارد الدولة مقصورة على التزامات أخرى قد ينوء بها قطاع المصريين،وبسياسة تقشفية تنسحب على الجميع يمكن تحقيق الكثير المهم أمانة وإخلاص المتصرفين.

مضى عهد الجدل والسفسطة لأن الطريق واضحة نحو مصر الحرة المستقلة،فالبناء لا يكون إلا بحُداءٍ يجدد الهمة و يهون الصعب،لا بجدال يصدع الرأس و يوقف العمل،مصر تجاوزت مرحلة الجدل العقيم حول مفردات و أطروحات،أصبحت فارغة إلا مما تعكسه من ضجيجٍ شأن كل شيءٍ فارغٍ عند الطرق عليه، ولن يُـسمع له إذا استمر في ظل التكاتف حول الهدف الأهم الذي يجمع كل المصريين بلا استثناء، وهو البناء الجاد الذي يتناسب مع الثورة المباركة منحة السماء.

إننا أمام خيارين لا ثالث لهما :إما بناءٌ جديد بإرادة حرة مستقلة،من أجل استعادة دور حضاري فاعل، وإما ترقيعٌ يؤدي إلى مسخ،تصبح معه مصر بلا وزنٍ أو ثقل،دائرة في فلك هنا و تبعية هناك وهو ما قامت الثورة للتخلص منه.

إذن لا خيار أمام مصر كلها إلا أن تستحضر مقتضى "مضى عهد النوم .."مستشعرةً حجم الخطر وكم التحديات في بناء لن يكون آمناً من استهداف أو استخفاف، لكننا جميعاً كشعبٍ عريق قادرون على الالتحام،قادرون على التواؤم والتوافق من أجل بناءٍ تشمخ به مصر في وجه القرن الذي نعيشه؛ حتى لا ينصرم إلا ومصر تعيش دولة الرفاه بما تحققه من الكرامة الإنسانية،وما يتبعها من حقوق سياسية واقتصادية تنتظم الجميع على السواء لنعيد منظومة قيم الإسلام المشرق:العدالة و الحرية و المساواة والبر والرحمة.في استدارة طبيعية لدور فاعل لحضارة الإسلام على الأرض .

لقد آن لمصر أن تبرهن للمرة الثانية ـــ بعد سلمية الثورة ـــ للعالم أن الإسلام لم يكن يوماً يمثل خطراً على البشرية كما ترسخ ثقافة الغرب المتوارثة، وكما يحاول أتباعه إيهام الشعوب ترهيبا وتخويفا في حملة محمومة مدفوعة الثمن لن يكون لها نصيب على أرض الواقع في دنيا الناس ، التي ما يزال الدين في عمقها غير قابل لطعن أو اتهام .

إن ترسيخ مبادئ الأخوة والعدالة والمساواة في بناء مصر الحديثة كسلوك واقعي في دنيا الناس أصبح ضرورة ملحة،من خلال عملٍ جادٍ ودائب يستسهل كل صعب ويقبل بكل تحدٍ؛ ثقةً بما عنده من قدرةٍ على إدارة المرحلة بفاعلية تجمع ولا تفرق ،تبني ولا تهدم،اللهم إلا أن يكفنا المعوقون شر الجدل حول رئاسة المرأة والقبطي والدولة الدينية ، فقد تجاوزته المرحلة بما تقتضيه من اصطفافٍ حول العمل وترك الترف في ممارسة الجدل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق