الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

قبليَّتي سبب عنوستي!

مصر- فاطمة إبراهيم
أختي تبلغ من العمر 33 عامًا ولم تتزوج حتى الآن، رغم أنها جميلة جدًّا، وبها كل مواصفات الزوجة الصالحة ومن أسرة كريمة ميسورة الحال، ولكن مشكلتها تكمن في أننا من أصل قبَلي؛ أي أننا- بتعبير المصريين- "بدو"، وعادتنا تمنع الفتاة من الزواج من شخص غير بدوي، وكل من يتقدم إليها ويناسبها لا يتوفر فيه هذا الشرط، ومن تقدموا إليها من البدو لا يناسبونها بأية حال، وحاولنا كسر القاعدة ولم نفلح.. العمر يجري، ويزداد قلقنا عليها.. بالله عليكم ساعدوني، وجزاكم الله عنا خيرًا.

تجيب عن الاستشارة : ماجدة شحاتة- الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين):

حياكِ الله أختي الكريمة، وشكر الله لكِ حرصَكِ على ما يصلح شقيقتك، ومبادرتك بطلب المشورة بشأن زواجها.

يبدو أختي الكريمة أن محاولات كسر القاعدة طال أمدها دون جدوى؛ بدليل أن شقيقتك بلغت الثالثة والثلاثين ولمَّا تتزوج بعد!.

وهنا ينبغي أن نتوقف قليلاً أخيَّتي، ليس استسلامًا أو يأسًا من إمكان حلّ المشكلة بالقفز على العرف والتقليد الذي يحكم مجتمع القبيلة، ولكن لأن المنطق يفرض التعاطي مع الواقع بشيء من العقل؛ الذي يوفر مساحةً من التكيُّف معه، بما لا يجعلنا دومًا في صدام معه، وبما يجعلنا نتكيَّف مع المتاح من إيجابياته، وتجنّب سلبياته قدر الإمكان، وخاصةً أن العرف والتقليد ما لم يخالف شرعًا فهو شرع، وواضحٌ من رسالتكِ أن شرط القبلية وحده هو الذي لم يتوفر في كلِّ من تقدم وكان مناسبًا لها من وجهة نظركم، وتوفر نفس الشرط في آخرين غير مناسبين، ولا أدري أي مناسب تبحثون عنه؟

ولا بد من التفكير بواقعية ومحاولة رؤية مواصفات مناسبة؛ لأنه لا يُعقل انتفاء التناسب بالجملة، فربما النظر في إيجابيات البدوي والبحث فيه عن قواسم مشتركة تجمعهما، وخاصةً أن كسر القواعد العرفية حتى وإن كانت خاطئة يحتاج إلى مبادرات وجهود طويلة؛ ليس إحداها مثلاً الزواج بعيدًا عن مباركة الأهل، أو الرفض التام للزواج، لكن يتم ذلك من خلال التجميع والتوريث لقيم الإسلام في الاختيار، سواءٌ للمرأة أو الرجل؛ أي تبديل قناعات الناس عن شروط الاختيار، وهذا ما سوف تحاولينه أنت وشقيقتك فيما بعد.

لكن هي الآن في مرحلة حرجة، وطبيعي أن يشتدَّ القلق عليها، وعليكِ أختي الكريمة إقناعها باختيار قائم على الانتقاء من بين البدو؛ بحيث تقل مساحات الاختلاف بينهما وتتسع مساحات التناسب؛ على أنِّي أرى أن التوافق الزوجي لا يخضع لشروط عرفية أو غير عرفية، فربما فشلت زيجتها من خارج القبيلة رغم ظاهر التناسب، فتكون الطباع مثلاً حائلاً، ويكون اختلاف النشأة والبيئة حائلاً آخر، وربما يكون البدوي أقدرَ على معرفة ظروفها فيكرمها، ولا يكون ذلك من غيره، إذن لا بد من توقُّع الخير من زواج تباركه الأسرة ويخضع لأعرافها في غير تعسف؛ حتى لا تكون قطيعة رحم.

عليك إذن أختي الكريمة محاولة إقناع أختك بمجموعة من جوانب التناسب بينها وبين أحد البدو؛ لأنه لا يمكن إيقاف مشروع زواجها بالكلية لوجود فوارق في جانب ما، ولعلها إن تخلَّصت من نظرتها تجاه البدوي على أنه غير مناسب أن تجد فيه ما يوافقها، ولعلها تجد قبولاً إياه، وتتوافق معه نفسيًّا بما يحقق شيئًا من التناغم بينهما فيكتمل المشروع وينجح على غير توقعها.

أدعو الله لها بصلاح حالها، وأن يوفقها الله بمن يكرمها زوجةً ويحسن عشرتها من بني قومها، وأن يفتح بينها وبين أهلكما إن كان في زواجها من غيره خيرًا لها في دينها ودنياها.

زادكما الله صلاحًا، ووفقكما لما يحب ربنا ويرضى.
----------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق