الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

رحلة البحث عن الجوهرة الثمينة

محمد عبد الجواد- مصر :
أنا- والحمد لله- ملتزم، وأعاني في رحلة البحث عن أخت فاضلة للزواج لبناء بيت مسلم على طاعة الله.
ومسألة البحث عن الجوهرة الثمينة ليست عقبةً بقدر ما أواجه مشكلة أكبر منها، وهي أننا- نحن الشباب- نعاني منذ فترة من الآباء الذين نتقدَّم لخطبة بناتهم؛ فهم يغالون في المهور وتكاليف الزواج؛ ولذلك تضطر شريحة كبيرة من الشباب إلى خطبة غير الأخوات وأحيانًا بعضها تنجح والبعض يفشل، وهذا ما حدث معي ومع العديد من الإخوة الذين أعرفهم.

تجيب عن الاستشارة : ماجدة شحاتة- الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين):

ابننا الكريم محمد .. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله أن شبابنا يقطع رحلةً من أجل البحث عن أخت فاضلة تكون له زوجة صالحة تُعينه على بناء أسري راشد مستقر، لكن هذه الرحلة يا بني ليست من الصعوبة بمكان ما دمت حدَّدت شروط اختيارك التي ترتكز على الظفر بذات الدين.

والحقيقة أن ما قلته لو كان بالكثرة التي تجعله ظاهرة فالأمر يصبح من الخطر بمكان، لكن يبدو أنها حالات فردية لم تأخذ صفة العمومية بعد، نعوذ بالله من ذلك.

وجميلٌ أن يضع الشباب الملتزم الاختيار للزوجة من نفس البيوتات التي تحمل الفكرة؛ فهذا أدعى إلى التوافق والتناغم في الكثير من مظاهر الحياة وجوانبها وأجوائها لدى الزوجين، وخاصةً حين يتوافق نظام حياة البيت الإخواني مع المنهج سلوكًا وتطبيقًا، فتكون له انعكاساته على أفراده طاعةً وحبًّا للمضي على خطى القافلة مع الركب الوضيء.

قد يبدو غريبًا أن يغاليَ الآباء في المهور وتكاليف الزواج فلا يعطون الشباب القدوة في التيسير ورفع الحرج عنهم عند خِطبتهم بناتِهم، وقد يبدو من الغرابة أيضًا أن يكون الشاب قادرًا ثم يبخل عن تحمل أعباء الزواج، متكئًا على عُرفٍ ساد في مجتمعنا، وهو مشاركة الأب تحمل تبعة زواج ابنته وتكاليفه، بما يثقل كاهله.

إذن.. المشكلة تحتاج إلى موازنةٍ من كلا الطرفين: الآباء والشباب، فيُعذَر مَن ليس بقادر ولا يُكلَّف فوق الطاقة أبًا أو شابًّا.

لكن تبقى المشكلة في نفور الشباب الملتزم من الزواج من فتيات ملتزمات، وترك هؤلاء البنات للزواج من غير الشباب الملتزم بحجة القلة وعدم التناسب بين من هم في سن الزواج من البنات والشباب، وعليه أقدم الكثيرون من الآباء على الرضا بزواج بناتهم من غير الملتزمين، مكتفين بأقل مواصفات الدين والخلق، وأقدم الشباب- إلا قلة- على الارتباط من غير الملتزمات ومن غير الأخوات عمومًا.

وهنا ظهرت مشكلة وجود فتيات داخل بيوتنا في سن الزواج ربما كان انتماء الأب سببًا في عدم الزواج بهن؛ لما ارتبط في الذاكرة من خطر ذلك على الوظائف والمصائر، كما يزعمون.

صحيحٌ أن الزواج "قسمة ونصيب"، لكن التحري في الاختيار مطلوب، والبيوت الفاضلة أولى بالسعي إليها، وجدير بها أن تُيَسِّر وترفع الحرج عمن يأتيها مقدِّرًا وراغبًا.

قد تكون هذه مشكلة خاصة لا بد من حلِّها؛ كلٌّ من موقعه ومكانه، بحيث لا يترك الشباب لاجتهادٍ في الاختيار، ولا يُترَك الآباء للاضطرار بالقبول من غير محيطه وصحبته.

وهناك عموميات في أسس الاختيار لا بد من تنزيلها على الواقع، ألا وهي ترجيح ذات الدين، والقبول بمن يرتضي دينه وخلقه من أي مكان؛ فكل ذلك جدير بتحقيق التوافق الأسري، لكن ما يُحدث التناغم بشكل أكثر هو أن تكون بين الزوجين اهتمامات مشتركة وقناعات واحدة تجمع بينهما غير منكرة من أحدهما لدى الآخر، وأن تكون الممارسات دعويًّا وحركيًّا ليست مستغربة بل مألوفة منهما؛ كلٌّ في أصل بيئته.

اطرق أبواب أخواتك بُنيَّ، ولعلك تجد من تقر به نفسك من الآباء معينًا لك وميسِّرًا عليك فتجد فيه نموذج القدوة، بما يمسح عنك هم تعسف البعض.

واطرق أبواب الأخوات ممن هن في المحيط الدعوي، ولا تتركهن لمن لا يقدِّر توجُّههن، فيوقف مدَّهنَّ وحركتهنَّ، وربما يجمدهن دعويًّا وكأنهن لم يكنَّ؛ فالقاعدة أن تنجح مثل هذه الزيجات من ذوي الاهتمام المشترك من نفس التيار، والقليل أن تفشل لاختلاف الطباع والأخلاق، وأن تنجح زيجات من خارج الصف الدعوي نتيجة قابلية كل طرف للاندراج في نفس المنظومة، وأن يكون أحدهما سببًا في تأليف الآخر على نفس المنهج.

إذن.. الأصل التحري في الاختيار من البيوت الأصيلة، والتوجه الواعي؛ فإذا تعذر عرج إلى الأفضل والأتقى من خارج المحيط الدعوي.

راسلني يا بني؛ فلعلي أستطيع مساعدتك.

وفَّقك الله إلى زوجة صالحة تبني بها أسرة مسلمة واعية.
----------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق