الخميس، 20 نوفمبر 2008

حبي القديم أم استقراري الأسري ؟

حسام- مصر:
المشكلة: تزوَّجت عن حبٍّ سيدةً منذ أكثر من عشرين عامًا، ورزقني الله منها بابن هو الآن مهندس، ودبَّت الخلافات بيننا بسبب عدم الفهم المتبادل وتدخل الأهل، وتم الانفصال وتزوَّجتُ بسيدةٍ أخرى فاضلةٍ، وعشت- وما زلتُ- معها أسعد الأوقات، فكانت نِعْمَ الزوجة المعطاءة، ورزقني الله منها الأبناء والبنات.

وبسبب ارتباطي بابني الأكبر تقابلت مع أمه- أي مطلقتي- وتعاتبنا وأحسست بالمرارة تعتصرها وهي تصف نفسها بالغباء لأنها فقدتني؛ حيث حُرمت من الحياة الزوجية طيلة هذه السنين، وتحرَّكت في نفسي مشاعر الحب والوفاء ناحيتها، وتساءلنا معًا: لماذا لا نتزوج وأعوِّضها بعضًا مما فقدته طيلة هذه السنين؟!

ولكن زوجتي الحالية ترفض هذا بشدة وتقول: "إذا تزوجتها فلتتركنا وتذهب إليها ولا عيش لك معنا"، وقد بلغت أنا من العمر 56، وبلغت مطلقتي 49 عامًا، وإنني أستفتيكم: هل من الممكن الزواج بمطلقتي بوجود وليٍّ من أهلها وشهادة شهود عدل وإعلان في حدود ضيقة حتى لا تعرف زوجتي الحالية وتضطرب حياتي معها ومع أولادي، ولكم جزيل الشكر.

تجيب عن الاستشارة ماجدة شحاتة- الاستشاري الاجتماعي في (إخوان أون لاين):
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
أخي الكريم/ حسام..
واضح أخي الكريم أن الانفصال تم- كما ذكرت- لعدم التفاهم وتدخل الأهل، ويبدو أنه تم مبكرًا من حياتكما؛ إذ رغم الحب الذي جمعكما إلا أنكما لم تعطياه فرصةً ليُذيب ما بينكما من سوء تفاهم، ويجمع بينكما على استقرار واستمرار، وربما حدث نوعٌ من العجلة في إشراك الأهل؛ مما يزيد الأمور سوءًا أو تعقيدًا في كثير من الأحيان.

وواضح أنها تلقَّنت درسًا من فراقكما، بدليل شعورها بالغباء حين لم تستمسك بك، وهذا في حد ذاته درسٌ لكل زوجة تستعجل خلاص أمرها مع زوجها، دون تريث أو طول تأمل للحياة بلا زوج.

ومما يسجَّل لكما أن ابنكما لا يزال يستمتع بتواصلكما، ولم تنقطع عنه أو تهمله، حتى إن ارتباطك به كان سببًا في فوران الذكرى وهياجها لديكما، مترجمةً إلى رغبة في العودة إليها.

لكن على الجانب الآخر استقرَّت حياتك مع زوجة أخرى رزقك الله منها البنات والبنين.

وهنا تأتي المشكلة المتجددة، وهي رفض الزوجة ارتباط زوجها بأخرى، وتخييرها الزوجَ بينها وأولادها وبين التي يريد الارتباط بها.

ونتيجةً لانعكاس إعلامي شوَّه كل قيم الإسلام، كان التعدد مما كان له الحظ الأوفر في التشويه، وارتباطه في الذهنية بكل الظلم والتجاهل للمرأة الزوجة.

والمشكلة- أخي الكريم- ليست في زواجك أو عودتك إلى أم ولدك ثانيةً بعقد وشهود في نطاق ضيق.. كلا، ولكنها في كيفية إقناع الزوجة بأهمية ارتباط مطلَّقتك بك في أخريات حياتكما، وكيف ننتزع منها الخوف من ظلمك لها بجنوحك إلى الأخرى؛ مما يدفع إلى قرار مأمون العواقب من ناحية المعضلة الأم في رفض الزوجة التعدد مهما كانت دوافعه.

التعدد حقٌّ لك كفله الإسلام من غير مقتضى، وللرجل أن يمارسه شرط العدل المادي وحده دون أي تعسف في استخدام هذا الحق تجاه الزوجة، وهو من تيسير الله على الرجل؛ لما علم من الحاجة إليه، وربما حاجة المجتمع إليه من أجل علاقات حلال يقرها الشرع؛ حمايةً للمجتمع من الخنا والرذيلة والفحش؛ نتيجة العلاقات المحرَّمة التي ربما ترضى بها الزوجة على ألا يمارس الزوج حقه في الممارسة الحلال، وهذا من نكد الفهم السيئ والتوجيه السقيم للمجتمع.

ومن ثم فأنت تحتاج إلى جلسات ودودة مع زوجتك، محاولاً إقناعها بحرمة تخييرها لك بينها وبين الأخرى، أي حرمة الانفراد بك لوحدها وطلب الطلاق من أجل ذلك وإلجائك إلى إلغاء مشروع عودتك إلى أم ولدك والذي هو حقك المشروع.

وما دمتَ- أخي الكريم- تتوقَّع اضطراب حياتك فيما لو علمت بزواجك فإنني أنصح بالتريث والتروي؛ لتقدير تداعيات العودة من حيث المصالح والمفاسد المترتبة على قرارٍ كهذا.

إذن.. الأمر راجع إلى تقديرك أنت ردات الفعل لدى الزوجة؛ إذ من الخير الإبقاء على البيت مستقرًّا بدلاً من تداعيه وانهياره، فيما لو أصرَّت الزوجة ولم تنجح في إقناعها برغبتك، مع تأكيد أن هذا القرار لن يغيَّر من مسارات حياتها في بَذْلك وسخاء نفسك وعاطفتك ورعايتك لها وعنايتك بها.

وإنني أتمنَّى أن يكون ارتباطك بأخرى نموذجَ اقتداءٍ في العدل وحسن الخلق مع زوجتيك؛ فلعل زوجتك الحالية إن ثارت فترةً ثم وجدت سلوك القدوة أن تهدأ نفسها ويطمئن قلبها فينشرح صدرها له.

أسأل الله أن يوفِّق زوجتك إلى امتثال طاعته في مراعاة حقك وتقدير أسبابك في العودة إلى أم ولدك، وأن يُلهمك اللهُ الصوابَ والسدادَ في القول والعمل بما يُصلح لك جميع أمرك.
-------------
طالع الاستشارة على موقع : إخوان أون لاين
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق