السبت، 22 مايو 2010

دليل الأسرة ليلة الامتحان

تقرير : نافذة دمياط
يعيش كثيرٌ من البيوت الآن حالة استثنائية بسبب جو الامتحانات وما فيه من ضغوط وقلق وتوتر وترقب لنتيجة عام دراسي طويل مشحون بالجهد والاستذكار والتحصيل، والليلة السابقة للامتحان مهمة جدًّا للطالب، والاستعداد النفسي والعقلي والجسمي لها أهم، فالكثير من الطلاب ينتابهم القلق فلا ينامون طوال الليل، والبعض يظل سهران يراجع حتى الفجر، والبعض يشعر بأن ما حصَّله لا يتذكر منه حرفًا واحدًا.

عرضنا هذه الحالات على المختصين فقدموا لنا هذه النصائح لقضاء ليلة ويوم الامتحان بهدوء وسلام، مع دعواتنا الخالصة من القلب لجميع أبنائنا بالنجاح والتفوق بإذن الله تعالى، وأن يعلو بهم شأن الأمة، ويقر بهم دومًا أعين آبائهم وأمهاتهم.

النسيان شعور مؤقت
تقول الداعية سمية مشهور: إن علاقة الطالب لا بد أن تكون متصلةً بالله عز وجل بأن يحسن الظن بالله ويملؤه التفاؤل وعدم الخوف من الامتحان والثقة في استرجاع ما تمَّ تحصيله؛ حتى لو شعر الطالب بالنسيان، فهو شعور مؤقت وطبيعي لرهبته من الموقف ومذاكرته لأجزاء المادة كلها، ولكن بمجرد قراءته للأسئلة سيقوم العقل بالتركيز في استدعاء إجابة كل سؤالٍ بإذن الله.

وتفضل نوم الطالب مبكرًا وعدم السهر بعد الساعة الثانية عشرة مساءً، حتى لا يشعر بالإرهاق والتشتت، ولا يتناول المنبهات كالشاي والقهوة؛ كي تساعده على السهر حتى لا يضيع تركيزه، ويشتت ذهنه، ويرهق عقله وجسمه فيستيقظ يوم الامتحان في حالة لا وعي، وتضيع منه المادة أو تتداخل.

وتضيف الداعية: لا بد أن يتصف الأبناء بعلو الهمة، وتكون علاقتهم بالله تعالى وثيقةً في كل وقت، وخاصةً أوقات الشدة والحاجة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اعرف ربك في الرخاء يعرفك في الشدة"، ومن الأمور الطيبة أن يصلي الطالب ركعتين قضاء حاجة قبل أن ينام أو قبل الذهاب إلى الامتحان، ويدعو الله فيهما بالتوفيق والسداد.

وتذكر الآباء والأمهات بدوام الدعاء لأبنائهم؛ لأن دعوة الوالد لولده لا ترد، وتطلب منهم بث روح الأمل والتفاؤل والثقة في نفوس الأبناء، وتذكيرهم دومًا بأن امتحان الدنيا ما هو إلا نموذج لامتحان الآخرة، وهو تقييم للعمل كحساب الآخرة، وأن ابتلاءات الدنيا ما هي إلا اختبار يقيس درجة الإيمان وعمق اليقين لدى العبد.

وتشير الداعية إلى ضرورة استحضار النية الصالحة في كل الأعمال، فالطالب ينوي بمذاكرته وتفوقه رفعة شأن الأمة وغيرها من النوايا الطيبة، فلا يجعل الدنيا غايته، ومنتهى مراده، بل يخلص عمله كله لله تعالى، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن كانت الدنيا همه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له، ومَن كانت الآخرة همه جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة".

وتوصي الأم بغرس مراقبة الله عز وجل في نفوس أبنائها، وتنصحهم بعدم الغش مهما كانت الظروف والصعوبات؛ لأن "مَن غشنا فليس منا"، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

أدعية الامتحان
وتقدِّم بعض الأدعية للطالب حتى يظل دومًا لسانه رطبًا بذكر الله، فيدعو قبل المذاكرة: "اللهم إني أسألك فهم النبيين، وحفظ المرسلين، وإلهام الملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرةً بذكرك وقلوبنا بطاعتك، وأسرارنا بخشيتك، إنك على ما تشاء قدير، اللهم علمني ما ينفعني، وانفعني بما علمتني وزدني علمًا".

بعد المذاكرة: "اللهم إني أستودعك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت، وأسألك أن ترده عليَّ عند حاجتي إليه، إنك على كل شيء قدير".

يوم الامتحان: اللهم إني توكلت عليك، وسلمت أمري إليك، لا منجى منك إلا إليك".

عند دخول قاعة الامتحان: "رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا".

قبل البدء بالإجابة: "رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، بسم الله الفتاح العليم".

إذا صعب عليه شيء: اللهم لا سهلَ إلا ما جعلته سهلاً، اللهم اجعل الحزن إذا شئت سهلاً.

عند النسيان: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، اجمع عليَّ ضالتي، لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك، أستغيث رب إني مسني الضر، وأنت أرحم الراحمين".

بعد الانتهاء: "الحمد الله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات".

الاستعداد الجيد
ومن الناحية النفسية، يوصي د. رمضان درويش أستاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر أن يكون التمهيد لليلة جيدة للامتحان.. بدايةً من أول العام بالمذاكرة والمتابعة والتحصيل الجاد وتنظيم جدول للمذاكرة وحسن إدارة الوقت بين الدراسة والرياضة والترفيه والقراءة وحفظ القرآن والصلات الاجتماعية، ومن ثَمَّ يشعر الطالب بالهدوء والراحة قبل وأثناء الامتحان؛ لأنه لم يهمل من البداية، واستعدًّ لها جيدًا فلا يبقى عليه إلا المراجعة السريعة والمُركَّزة لعناوين وملخصات المادة بوقت كافٍ قبل ليلة الامتحان، تحسبًا لأي ظروف طارئة.

وينصح الآباء والأمهات بنشر جوٍّ من الهدوء والطمأنينة والسكينة في المنزل، ويُحذرهم من إشاعة القلق والتوتر والخوف، خاصةً أمام الأبناء حتى لا تنتقل إليهم بالعدوى النفسية.

ويوضح أننا جميعًا نتعرض لضغوط الحياة لا محالة، ومنها الضغط النفسي والعصبي للامتحان، فالابن يُصاب بالقلق من مواجهة موقف الامتحان منفردًا، ويشعر بالضغط الشديد، ولكن لا بد من تهيئته من قِبل الوالدين لمواجهة هذه الضغوط، والتعامل معها مع الحفاظ على صحته النفسية والعصبية، فالمواجهة هي أفضل الطرق وأصحها للتغلب على تلك الضغوط أو التقليل من أثرها على الصحة النفسية للفرد، أما الانسحاب من مواجهتها فهو المرض النفسي بعينه.

ويضيف لا بد أن يكون مستوى طموح الوالدين مناسبًا لقدرات الابن وإمكانياته؛ حتى لا أكلفه أكثر مما يستطيع فيُصاب بالإحباط والفشل.

وعلى الوالدين تقبُّل الأبناء كما هم، ومن الخطأ مقارنتهم بالآخرين ممن حباهم الله بقدرات وإمكانيات أعلى من الناحية التحصيلية، فقد يتمتع أبناؤهم بمواهب أخرى مختلفة عليهم أن يكتشفوها ويساعدوهم على تنميتها، وقد تساعدهم أيضًا على رفع مستواهم الدراسي.

انتظروا الهدية
ويشير إلى أهمية حث الأبناء على التفوق والإنجاز بالرفق والحب والاحتواء والقيام بعملية التعزيز بوعدهم مثلاً بهدايا قيمة أو نزهة جميلة في الإجازة أو الحصول على شيء طلبوه مسبقًا؛ ما يُشجعهم على التحصيل والتفوق، أما في حالة عدم وصول الابن للمستوى المطلوب فمن الأهمية بمكان تنفيذ الوعد أيضًا ومكافأته على قدر اجتهاده، مع حثه على الوصول لمستويات أفضل العام المقبل.

وينصح الطالب بمراجعة ليلة الامتحان منفردًا وعدم تشتيت الذهن مع طرق الأصدقاء المختلفة أو المراجعات التليفونية حتى لا يضيع الوقت، مشيرًا إلى ضرورة أخذ قسط كافٍ من الراحة بين المادة والأخرى والتنوع في المواد حتى لا يفقد العقل تركيزه ويمل الطالب، فقد يراجع ساعة أو ساعتين مادة ما، ثم يأخذ قسطًا من الراحة، ثم يعود لمراجعة مادةً أخرى.. وهكذا.

ويفضل عدم تصحيح الامتحان بعد الانتهاء منه إلا للطالب الذي يدفعه الخطأ والتقصير إلى مزيدٍ من التركيز والتفوق، أما الطالب الذي يُصاب بالإحباط ويشعر بالفشل إذا أخطأ فمن الأفضل ألا يراجع ما انتهى من إجابات، حتى يكون على استعداد نفسي وذهني للامتحان القادم.

امتصاص القلق
وعن الأساليب التربوية، تشير د. منى صبحي استشاري تربوي أن ليلة الامتحان ليست ليلة مذاكرة بل مراجعة سريعة للعناوين الرئيسية وأجزاء المادة بتركيز وهدوء، بعيدًا عن الضغط والتوتر.

وتنصح الطالب بأخذ حمام دافئ قبل النوم حتى يشعر بالراحة، وأن ينام مبكرًا ويستيقظ مبكرًا، ويطلب من الله تعالى العون، ويسأله سبحانه أن يجبر ضعفه، ويذكره بما أجاد ويجمع عليه التفوق في الإجابة والقبول عند الله بهذا الجهد.

وتفضل أن تصطحب الأسرة الأبناء في نزهة صغيرة خارج المنزل قبل بدء الامتحانات،  يكون الهدف منها امتصاص التوتر والقلق في تلك الفترة والشعور بالنشاط والحيوية، ومن ثم الإقبال على المراجعة بجد وحماس.

وتشير إلى أهمية الدعم النفسي للطالب بتعاون أفراد الأسرة في توفير جوٍّ من الهدوء والراحة، بل والمرح أيضًا حتى تمر هذه الفترة بهدوء وتكون النتيجة مرضية.

وتُحذِّر الاستشارية التربوية من التواصل مع الزملاء قبل الامتحان حتى لا يُصاب الطالب بمشاعر سلبية أو اهتزاز في نفسيته قد يأتيه من مكالمة محبطة، أو يشعر بفوات جزءٍ من المادة لم يُركِّز فيه.

الدرجات العلى
تقول ماجدة شحاتة استشاري اجتماعي: إن ليلة الامتحان لا بد أن تمر بهدوء نفسي بعيدًا عن أي توتر للأجواء من قِبل الطالب أو الأهل، فقد أخذ بالأسباب واستفرغ الوسع وبذل الجهد، ولم يعد بحاجةٍ إلى مزيد إجهاد ذهني أو استدراكٍ علمي.

وتؤكد أهمية تفويض الطالب والأهل الأمر لله تعالى، فلا يقبل الابن على الامتحان بما حفظ وذاكر وتمكَّن منه، بل يقبل عليه بقدرة الله عز وجل وتوفيقه، فلا ينال التوفيق إلا بتفويض الأمر كله لله تعالى.

وتناشد الأهل بعدم إثارة الجدل أو توبيخ الابن أو زجره ونهره أو الاستهزاء من قدراته أو عقابه إذا أخطأ في الامتحان، فكل هذه الأساليب لن تأتي إلا بنتائج عكسية من الابن بمزيدٍ من التقصير وعدم التركيز.

وتنصح الطالب بالنوم بعد صلاة العشاء وسنتها ووترها، والاستيقاظ قبل الفجر وصلاة ركعتين قيام الليل والاستغفار في وقت السحر، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب".

وتنصح الطالب بألا يتسرب إليه أي إحساس بالعجز، وعليه بالثقة في الله عز وجل وفي نفسه، وألا ييأس من تحقيق أحلامه مهما كانت العقبات، وأن يكون تفوقه رفعةً لشأن الدين والوطن، ولإدخال السرور على أهله ومكافأتهم على جهدهم وتعبهم معه طيلة العام.

ويستشعر فضل الله عليه في نعمة العقل والإدراك والفهم، ويشكره عليها بتوظيفها فيما يحب الله عز وجل، ويأمر حتى يبلغ مناه في الدنيا ودرجاته العلى في الجنة.

الطعام بشهية
وكما نعرف أن العقل السليم في الجسم السليم، فلن يستطيع الطالب أن يراجع بتركيز واستيعاب إلا إذا تناول غذاءه بشهية، ولم ينصرف عن الطعام بحجة فقدان الشهية؛ ولذلك ينصح د. أشرف عبد العزيز استشاري التغذية ووكيل كلية الاقتصاد المنزلي بجامعة حلوان الأمهات أن تقدم للأبناء عمومًا، وفي فترة الامتحانات خاصة؛ غذاءً صحيًّا ومفيدًا ومتكاملاً من جميع العناصر الغذائية المطلوبة لمزيدٍ من الاستيعاب والتركيز وصفاء الذهن في تلك الفترة.

ويشير إلى أهمية التوازن في تناول البروتين النباتي والحيواني؛ كاللحوم والطيور والأسماك والبيض واللبن المحلى بعسل النحل لِمَا له من فائدةٍ طبيةٍ عظيمة، والاعتدال في تناول الكربوهيدرات والنشويات كالمكرونة والأرز والخبز.

ويُحذِّر من خطورة الثلاثي الأبيض (الملح والسكر والدقيق) في المأكولات والمشروبات، فينبغي تناول تلك المواد باتزانٍ واعتدال، ومن الأهمية تناول الخبز الأسمر بدلاً من الأبيض الذي يُربك المعدة وقد يُسبب الإمساك، وعدم الإكثار من الدهون في الطعام، والزيت النباتي أفضل من السمن، والأفضل زيت الزيتون باردًا على السلطة والطعام.

ويؤكد أهمية تناول الخضروات والفاكهة الطازجة، والتي تحتوي على كمية كبيرة من الفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف التي يحتاجها الجسم وتريح المعدة وتمد الطالب بالطاقة والحيوية.

العصائر مفيدة
وينصح الطلاب بشرب كمية متوازنة من الماء والعصائر الطبيعية والمخفوقة مع اللبن لما لها من قيمة غذائية عالية ومفيدة لجسم الأبناء وتركيزهم العقلي والذهني، وتناول بعض المكسرات التي تمد العقل بالطاقة لما فيها من زيوت ضرورية لتجديد خلايا المخ وزيادة نشاطه.

ويُحذِّر من اعتماد الأبناء على شرب المنبهات كالشاي والقهوة والنسكافيه؛ لما بها من مادة الكافيين التي تؤثر على المخ، ومن ثَمَّ قد يعتاد الطالب عليها ولا يستطيع تركها، فهي قد تزيد التركيز بالإيحاء، وقد تؤدي إلى زيادة نشاط المخ، ولا يستطيع الجسم أن يتحمَّل هذا النشاط الزائد فيشعر الطالب بالوهن والكسل ويفقد القدرة على التركيز.
--------------------
طالع التقرير على موقع : نافذة دمياط
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق